728x90 AdSpace

  • أحدث المواضيع

    الحدود الجغرافية للمغرِبَيْن الأوسط والأقصى حسب الرحالة والجغرافيين المسلمين



     

    المغرب الأوسط والمغرب الأقصى

     

    عند نهاية القرن الثالث الهجري تميزت بلاد المغرب بوجود جهتين هما:

    -         الجهة الإفريقية وقاعدتها القيروان.

    -         الجهة المغربية الممتدة من غرب إفريقية إلى البحر المحيط.

       

    وهذا ما أشار إليه أبو العبّاس اليعقوبي الذي أطلق على الجهة الثانية الغربية اسم المغرب دون إضـافة أو تمييز. ويستمر نفس المفهوم لدى جغرافيي القرن الرابع الهجري كالإصطخري وابن حوقل والمقدسي، أي إطلاق التسمية الإعتبارية العامة وهي البلاد الغربية على كل ما يلي إفريقية غربا.

    وابتداء من القرن الخامس الهجري يظهر التمييز بين قسمين من الجهة الغربية أو المغرب الحقيقي، وهما المغرب الأوسط والمغرب الأقصى، وشاع استخدامهما طوال فترات العصر الوسيط. وأول هذا التمييز نجده عند الجغرافي البكري في القرن الخامس الهجري خلال وصفه لمدينة تلمسان بقوله: "وهذه المدينة تلمسان قاعدة المغرب الأوسط ... وهي دار مملكة زناتة وموسطة قبائل البربر". وفي القرن السادس الهجري يذكر الإدريسي أن بجاية "هي مدينة المغرب الأوسط وعين بلاد بني حماد ... وأهلها يجالسون تجار بلاد المغرب الأقصى وتجار الصحراء". وفي نفس القرن يعطينا صاحب الإستبصار وصفا مدققا لمدن كل من المغربين الأوسط والأقصى، ليصبح بذلك هذان المصطلحان شائعي الإستخدام لدى جمهور الجغرافيين والمؤرخين العرب.

     

    وادي ملوية، الحد الفاصل

    أما خط التقسيم بين المغربين فهو وادي ملوية مع جبال تازا، وهو ما قرره صاحب الاستبصار قائلا: "وقد ذكرنا أن آخر بلاد المغرب الأوسط وأول بلاد المغرب بلاد تازا، وهي جبال عظيمة حصينة". وحدده بدقة أيضا ابن خلدون، ونص كلامه هو: "وأما نهر ملوية آخر المغرب الأقصى فهو نهر عظيم منبعه من فوهة في جبال قبلة تازي ويصب في البحر الروماني عند غساسة، وعليه كانت ديار مكناسة المعروفة بهم في القديم".

    ويعتبر هذا الوادي الفاصل بين المغربين من الأنهار الكبرى ببلاد المغرب لما عليه من نظر واسع وقرى كثيرة وعمائر متصلة، وهي كلها تسقى منه، وهو يصب على بعد عشرة أميال شرق مدينة مليلة في البحر الرومي (المتوسط). ومن روافده نهر زيز ونهر سجلماسة. واستمر هذا الوادي حدا فاصلا بين المغربين حتى عند الجغرافيين المتأخرين كليون الأفريقي (تـ 957هـ) الذي جعله نهاية لمملكة فاس شرقا ونهاية لمملكة تلمسان غربا. وكذلك لدى المتأخرين من المؤرخين كالناصري الذي يرى أن الحد الشرقي للمغرب الأقصى هو وادي ملوية مع جبال تازا.

    وتقع هذه الحدود بين المغربين والمفصولة بوادي ملوية ضمن الواجهة الشمالية، وقد أوصلها جنوبا صاحب الإستبصار إلى مدينة تيزيل وهي مدينة في أول الصحراء وعلى الطريق إلى سجلماسة، وهذا بالنسبة للمغرب الأوسط، أما بالنسبة للمغرب الأقصى فإلى بلاد ملوية وأحوازها أي أول بلاد سجلماسة إلى الصحراء، وبعد ذلك لا نجد حدودا ولا فواصل في الصحراء بين المغربين.

    يشترك المغربان الأوسط والأقصى في حدوديهما الأفقية الشمالية والجنوبية أي البحرية الرومية (المتوسطية) والرملية الصحراوية، كما يشتركان في حدهما العمودي وهو نهر ملوية الذي يمثل نهاية المغرب الأوسط غربا وبداية المغرب الأقصى شرقا.

    أما ابن خلدون فيرى أن "المغرب الأوسط هو في الأغلب ديار زناتة ... وقاعدته لهذا العهد تلمسان وهي دار ملكه ويجاوره من جهة المشرق بلاد صنهاجة من الجزائر ومتيجة والمدية وما يليها إلى بجاية". وهذا ما يذهب إليه التنسي أثناء حديثه عن دولة السليمانيين أبناء عمومة أدارسة فاس حين استدعى محمد بن سليمان ابن عمه إدريس الثاني ليستعين به على البلاد المشرقية وفي ذلك يقول: "وقدم إلى بلاده وترك المغرب الأوسط بيد ابن عمه". وهو ما يؤكده أيضا صاحب الثغر الجماني بقوله: "والمغرب الأوسط حدّه من وادي ملوية إلى بجاية".

    في حين يرى المراكشي أن مدينة قسنطينة هي آخر بلاد إفريقية وما وراءها هو البداية الحقيقية للمغرب و"أول ذلك بليدة صغيرة قبلي -جنوب- بجاية في البر تسمى ميله بينها وبين بجاية ثلاث مراحل ومن بجاية إلى قلعة بني حماد أربع مراحل وهي أيضا قبلي بجاية".

    ولعل السبب في وقوف حدود المغرب الأوسط عند هذا الحد هو أن هذه البلاد الممتدة من أحواز بجاية وما وراء مجرى نهر الشلف شرقا إلى وادي ملوية غربا، ظهرت منذ أيام الفتح الأول على شكل قسم إداري وعمل قائم بذاته، وهو الأمر الذي يثبته الدكتور حسين مؤنس بقوله: "ومعنى ذلك أن المغرب الأوسط في حدوده التي وضعها العرب أي ما بين نهري شلف ومولوية تقريبا، كان منذ الفتح العربي وحدة إدارية وسياسية".

    إن المغرب الأوسط بهذه الصورة هو ما يقابل وسط وغرب بلاد الجزائر تقريبا في وقتنا الحاضر، وكان يتألف عند الجغرافيين العرب سيما في القرون الهجرية الأولى من إقليمين، تيهرت في الشرق وتلمسان في الغرب.

    والمغرب الأقصى وهو ما يقابل المملكة المغربية اليوم، كان هو الآخر يتألف من إقليمين، الأول في الشمال و كان يعرف بإقليم طنجة ومن مدنه فاس حاضرة المغرب وسلا وسبتة وتازا ومراكش وغيرها، ويفصل بينه وبين الإقليم الثاني المعروف ببلاد السوس الأقصى وادي تانسيفت. وعن هذا الإقليم الثاني يحدثنا المراكشي قائلا: "فمراكش هذه آخر المدن الكبار بالمغرب المشهورة به وليس وراءها مدينة لها ذكر وفيها حضارة، إلا بليدات صغار بسوس الأقصى فمنها تارودنت وزجندر والكست ونول لمطة". 


    • Blogger Comments
    • Facebook Comments

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الحدود الجغرافية للمغرِبَيْن الأوسط والأقصى حسب الرحالة والجغرافيين المسلمين Rating: 5 Reviewed By: Algeria Gate
    Scroll to Top