728x90 AdSpace

  • أحدث المواضيع

    خطط ديغول للقضاء على الثورة الجزائرية


    خطط ديغول للقضاء على الثورة الجزائرية




    بعد مجيئه إلى الحكم على إثر الإنقلاب الذي دبره الجنرالات Salan ،Massu ،Jouhaud ،Gracieux والأميرال Auboyneau بالتواطؤ مع الحاكم العام السابق للجزائر Soustelle، قام ديغول بعدة محاولات للقضاء على الثورة الجزائرية معتمدا إستراتيجيات مختلفة منها :

    1. مشروع قسنطينة :


    كان الهدف المبطن من مشروع قسنطينة الاقتصادي هو فصل الشعب عن ثورته، وذلك بإغرائه بالوعود المادية وإشغاله بها لصرفه عن المطالب الشعبية الجوهرية التي تبنتها الثورة وعلى رأسها الإستقلال التام عن فرنسا.

    حسب الخطة المبدئية التي وضعها ديغول، فإن هذا المشروع يمتد من سنة 1959م إلى سنة 1963م، وهو مشروع إجتماعي إقتصادي كان يهدف إلى تحسين الظروف الإجتماعية والمعيشية للمواطنين الأصليين مع رفع فرص التشغيل لديهم ليستقروا اجتماعيا وينشغلوا عن الثورة. وقد أعلن عنه لدى زيارة ديغول إلى قسنطينة في 03 أكتوبر 1958م. أما عمليا فإن الخطة تشمل :

    • توزيع 250 ألف هكتار من الأراضي على الفلاحين الجزائريين لاستغلالها.
    • تشييد مساكن لمليون جزائري.
    • توفير 400 ألف منصب شغل للمعطلين.
    • دمج اقتصاد الجزائر في اقتصاد فرنسا.
    • إنشاء طبقة بورجوازية جزائرية وربط مصالحها بفرنسا.
    • تشييد المدارس والمراكز الصحية.
    • ضمان التمدرس للأطفال في سن الدراسة.
    • تأسيس مدن جديدة للحد من الإكتظاظ في المدن الكبيرة.
    • تطوير الأرياف وتحسين الظروف المعيشية لسكانها.

    ومن أجل تحقيق الأهداف المسطرة، فقد تم تخصيص 242 مليار فرنك فرنسي قديم، ليرتفع المبلغ سنة 1960م إلى 326 مليار.

    2. سلم الشجعان :

    "سلم الشجعان" هو ثاني استراتيجية إعتمدها ديغول للقضاء على الثورة الجزائرية. فقد ألقى ديغول خطابا يوم 04 جوان 1958م عند زيارته مدينة الجزائر، دعا فيه إلى سلم الشجعان، وهو أن تٌلقي جبهة التحرير السلاح وتتخلى عن مواصلة الثورة. فقد جاء في خطابه : "اللذين يقودون الحرب على تراب الجزائر، أعترف بشجاعتهم، فأرض الجزائر لا تنقصهآ الشجاعة ...". وتعتبر هته الدعوة أولى مبادراته السياسية عقب استلامه رئاسة فرنسا في الفاتح من جوان.

    وفي يوم 23 أكتوبر من نفس السنة وخلال مؤتمر صحفي، جدد ديغول دعوته جبهة التحرير إلى إلقاء السلاح إذ قال : "ندعو أولئك الذين بادروا بالقتال أن يوقفوه، وعليهم العودة إلى عائلاتهم، وأن يتصل قادتهم بالقادة الفرنسيين، وذلك بحمل العلم الأبيض – رمز الإستسلام – ، أما بشان القادة الموجودين بالخارج فعليهم أن يتوجهوا إلى السفارات الفرنسية من أجل التباحث بخصوص شروط الإستسلام في إطار نطاق الحكم الفرنسي، كما هو الحال بشأن الفرنسيين في الخارج عندما يقصدون سفارة بلدهم عندما تدعو الحاجة إلى ذلك".

    ردت جبهة التحرير الوطني على دعوة ديغول بالرفض، وأكدت على التشبث باستقلال الجزائر التام.

    3. الإستراتيجية العسكرية والأمنية :

    حاول ديغول منذ بداية مجيئه إلى السلطة أن يحقق الأهداف التي جيء به من أجلها وهي القضاء على الثورة الجزائرية وإرجاع الجزائر إلى السلطة الفرنسية الكاملة كي تبقى فرنسا قوة لها هيبتها ووزنها إقليميا وعالميا. "علينا أن نتحد لنقضي على هذا العصيان الذي أراد أن يقضي على عظمة فرنسا". بهذه الكلمات خاطب ديغول الجنرال "Salan" عند أول زيارة له إلى الجزائر كما تقدم ذكره. فقد راهن ديغول منذ البداية على تحقيق نصر عسكري يقمع به الثورة ويجبر به الثوار على إلقاء السلاح والتخلي عن مطلب الإستقلال.

    الشقّ العسكري :

    مضاعفة العدد والعدة :

    ولتحيق ذلك فقد عمد ديغول إلى ترقية الأسلحة كمًّا ونوعية، فطلب الدعم من الحلف الأطلسي الذي زوده ب 50 حوامة و50 طائرة من طراز B26 وأعدادا أخرى من طائرات B29، ومدربين وخبراء عسكريين. كما ضاعف عدد القوات العسكرية العاملة بالجزائر لتنتقل من 458 ألف عسكري عند مجيئه إلى 862 ألف في ديسمبر 1959م. تشكلت هته القوات من قوات برية قوامها 774 ألفا وقوات جوية قوامها 40 ألفا وبحرية عددها 25 ألفا يؤطرها 60 جنرالا و700 عقيد و5300 نقيب.

    التطويق والخنق :

    في ديسمبر 1958م، عيَّن ديغول الجنرال موريس شال "Challe" خلفا للجنرال صالان "Salan" قائدا أعلى للجيش الفرنسي بالجزائر، وأوكل إليه وضع خطة عسكرية متكاملة لإدارة الحرب والقضاء على جيش التحرير الوطني.

    وقد كتب الجنرال ديغول من جهته عن تعيين شال، وعما كان ينتظره منه : "بتعيين شال قائدا عاما للجيش ... كنت أريد أن تتخذ العمليات وتيرة ديناميكية وأن تؤدي في جميع المناطق إلى التحكم التام في الميدان. وقبل أن يذهب إلى الجزائر كنت قد درست وإياه المشروع الذي أعَدَّه ووافقت عليه، ...وتضمن ذلك الوحدات التي ستقوم بشن الهجمات والتي كان لابد أن تخرج من التربيع العام وتنظم خصيصا لذلك، وتدعم بالرجال والعتاد وتزود، وهذا هو الأهم، بأعداد كبيرة من الطائرات المروحية... واتخذت التدابير الضرورية لكي يبدأ الطور الجديد الحاسم في ربيع 1959."

    كان المطلوب والمنتظر من شال أن يحرز انتصارا عسكريا تشهده المتربول في أقرب وقت ممكن، وأن يقضي نهائيا على جيش التحرير في سنة 1959م دون التردد حول الوسائل المستخدمة أو الإقتصاد في أي منها. وكان رئيس الحكومة الفرنسي، ميشال دوبري، قد حدد الآجال في اجتماع مع القادة العسكريين بمقر قيادة شال يوم 9 فيفريي 1959 قائلا :

    ".. لابد من انتصارات عسكرية سريعة تحس بها المتروبول في الربيع القادم، حيث يكون بعد سنة من 13 ماي 1958م ... لابد أن يكون باستطاعتنا أن نعلن الإنتصار النهائي في شهر جويلية [1959]."

    مخطط شال :

    إعتمدت إستراتيجية شال على عدم الإكتفاء بالتمشيط ثم الإنسحاب بعد انتهاء العمليات كما كان يفعل أسلافه، بل احتلال المناطق التي ينشط فيها جيش التحرير والمكوث بها مدة طويلة لا تقِلُّ عن شهرين وإنشاء مراكز عسكرية والإقامة بها ومطاردة المجاهدين بالنهار والليل. كما اعتمدت على الطائرات المروحية لنقل الإمدادات الفورية لتعزيز الفرق العسكرية أو للتعويض السريع للخسائر أثناء المعارك، وهكذا فإن التفوق العددي كفيل، حسب رأيه، بسحق جيش التحرير الذي لن يكون بإمكان وحداته تعويض خسائرها بنفس السرعة.

    برمج شال خمس عمليات كبرى في مخططه، تبدأ بالولاية الخامسة غربا وتنتهي بالأولى شرقا، على أن تدوم كل واحدة منها شهرين على الأقل. كما أطلق على كل عملية إسما خاصا بها، فكانت كما يلي :

    • عملية كورون Couronne، في الولاية الخامسة (فيفري ـ مارس 1959).
    • عملية كوروا Courroie، في الولاية الرابعة (أبريل ـ جوان 1959).
    • عملية إيتانسيل Etincelle، في الولاية الثالثة (1-15 جويلية 1959).
    • عملية جيميل Jumelles، في الولاية الثالثة (22 جويلية ـ نوفمر 1959).
    • عملية بيير بريسيوز Pierres précieuses، في الولاية الثانية، (نوفمبر 1959 إلى غاية جوان 1960).

    أما الولاية الأولى، والأخيرة في مخططه، فلم يصل إليها فقد كان دُعي إلى مهام أخرى، لكن خلفه الجنرال كريبان أكمل المهمة في أكتوبر 1960م.

    الشقّ الأمني :

    المحتشدات والخطوط المكهربة :

    دُعٌِم النشاط العسكري المكثف هذا بتضييقات أمنية أخرى في حق المدنيين العُزَّل، كإقامة المحتشدات وتوسيعها وإنشاء "المناطق المحرَّمة"، إلى جانب غلق الحدود الشرقية والغربية للجزائر بموانع وسدود شائكة ومكهربة وحقول مُلغَّمة.

    فأثناء مخطط شال، بلغت عمليات الترحيل وحشر السكان في مراكز التجميع أوسع نطاقها. كان الهدف من ذلك عزل جيش التحرير بإخلاء المناطق الريفية المحاذية للجبال والموجودة أحيانا داخل الغابات نفسها من سكانها لقطع الدعم والمؤونة عن المجاهين. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كان يتم تجميع السكان في مخيمات قريبة من المراكز العسكرية ليوضعوا تحت الرقابة ويخضعوا باستمرار لفرق الحرب النفسية التابعة لمصالح المكتب الثاني.

    الحرب النفسية :

    من الوسائل الأخرى التي وظفها ديغول الحرب النفسية، فقد تضاعفت أعداد العاملين في هذا الإختصاص بعد مجيئه حيث بلغت 880 ضابطا و1770 مساعدا موزعين على 660 دائرة، أُسندت إليهم مهام التأثير البسيكوليجي والمعنوي على عناصر جيش التحرير والمدنيين على حد سواء قصد زرع الإحباط ونشر الريب ونزع الثقة من نفوس الجزائريين لإضعاف عزائمهم وتبديد شوكتهم وإذكاء خلافاتهم.

    • Blogger Comments
    • Facebook Comments

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: خطط ديغول للقضاء على الثورة الجزائرية Rating: 5 Reviewed By: Algeria Gate
    Scroll to Top