أضواء على المؤرخ الجزائري ابن المفتي و تقييداته
لهذا الكتاب الذي نقدمه للقراء و الباحثين في تاريخ الجزائر أهمية بالغة باعتباره أحد المصادر النادرة للعهد العثماني، ولكنه رغم هذه الأهمية و رغم إستفادة عدد من الباحثين منه منذ أمد طويل إلا أنه ظل مبعثرا بين ثنايا الكتب و المجلات ولم يُجمع في سِفْر واحد و يُنشر بنصه العربي كاملا -حسب علمنا -حتى اليوم.
و كان اول من استفاد من إحدى النسخ المخطوطة من الكتاب و نشر مقتبسات منها بالفرنسية هو الباحث الفرنسي ألبير دوفو Albert Devoulx - -الذي ترجم قسما منه هو - قسم العلماء - و نشره في المجلة الإفريقية - Revue Africaine - ضمن بحثه الذي يحمل عنوان "البنايات الدينية القديمة في مدينة الجزائر" و الذي طبع فيما بعد في كتاب مستقل ولكن دوفو لم ينشر النص العربي للكتاب، كما أنه لم ينشر إلا قسما من الكتاب و هو قسم العلماء، و حتى هذا القسم لم يسلم من الحذف و الإختزال.
و بعد مضي أكثر من نصف قرن على عمل دوفو قام باحث فرنسي آخر هو جورج دلفان George Delphin بترجمة القسم الآخر من الكتاب؛ قسم الباشوات إضافة إلى خطبة الكتاب التي تعرضت هي الأخرى إلى الإختزال.
و بعد استقلال الجزائر حصل الأستاذ الجزائري نور الدين عبد القادر على نسخة مخطوطة من الكتاب، و لكنه للأسف الشديد عوض أن يقدمها كما هي كاملة فإنه اكتفى بنشر قسم منها و هو قسم العلماء و حتى هذا القسم عمد إلى اختصاره و التصرف فيه كما صرح هو بذلك.
و هكذا ظل هذا السَفْر النفيس عبارة عن مقتبسات مبعثرة لم يجمعا جامع و هذا هو الدافع الرئيسي لاهتمامي به.
أولا - أقسام الكتاب
ينقسم هذا الكتاب إلى ثلاثة أقسام هي: خطبة الكتاب أو المقدمة ثم قسم الباشوات ثم قسم العلماء، و قد أكد ذلك نور الدين عبد القادر حين قال: "إن أهم ما في تقييدات ابن المفتي هي الأخبار التي أوردها بعد ذكر أسماء حكام مدينة الجزائر مع بعض التفاصيل، الأخبار التي تتعلق بطبقة المثقفين و أهل العلم و المعرفة، و هذا هو القسم الطريف من هذا التأليف الصغير اللطيف".
و قال مرة أخرى في مقال له لم نجد إسم المجلة المنشور بها : "يعرض المؤلف أولا تاريخ أسرته...، ثم يقدم قائمة بتسلسل تاريخي لحكام الإيالة مع معلومات موجزة من 1515م إلى 1753م... و الجزء الأحدث عهدا و المفيد حقّا من المخطوط هو ذلك المتعلق بالعلماء وهو يأتي مباشرة بعد قائمة حكام الإيالة".
ومن الطبيعي أن يلجأ ابن المفتي إلى هذا التقسيم باعتباره كان شائعا بين كُتَّاب عصره، فقد وجدنا المؤلف التونسي حسين خوجة المتوفي سنة 1145ه/1732م قد قسم كتابه المسمى "ذيل بشائر أهل الإيمان في فتوحات آل عثمان" نفس التقسيم و بنفس الترتيب : مقدمة ثم قسم الباشوات ثم قسم العلماء.
و بالنسبة للأقسام المنشورة من الكتاب فهي:
أ -خطبة الكتاب أو المقدمة:
وقد نشر مقتطفات منها دوفو و دلفان في ترجمته لقسم الباشاوات في المجلة الآسيوية، كما نشر نور الدين عبد القادر قسما من هذه الخطبة.
ب -قسم الباشوات :
و هو القسم اذي قام بترجمته دلفان و ينقصه نص متعلق ب(علي باشا) قام بنشره على حدة نور الدين عبد القادر في مقالته بالفرنسية التي ذكرناها سابقا و هي بعنوان : "واقعة من تاريخ الجزائر القديمة: قصة جيرونيمو"، كما نقل دوفو من هذا القسم فقرة بالعربية و هي: "تولى خِضر باشا مرة ثالثة سنة 1113ه ثم مات خِضر باشا المذكور مخنوقا في تلك السنة على يد كوسة مصطفى خْدِيم الباب العالي".
ج - قسم العلماء :
و هو القسم الذي ترجم منه دوفو الذي نشر أيضا نصّا منه في المجلة الإفريقية في مقال له بعنوان : "رفع القبائل لأحد الباشوات" المنشور في المجلة الإفريقية (1869) و نشر هذا القسم مع بعض الحذف و الإختصار نور الدين عبد القادر في كتابه المذكور سابقا.
ثانيا - التعريف بالمؤلف
مولده و نشأته:
ظل مؤلف هذا الكتاب مجهول الإسم لأنه لم يذكره في تأليفه هذا رغم أنه ذكر اسم أبيه و اسم جده، كما لم نجد له ولا لوالده ترجمة في المصادر التي رجعنا إليها، و لحسن الحظ فإن المؤلف قد ترك لنا في كتابه هذا معلومات عنه وعن أسرته بإمكاننا أن نعد من خلالها ترجمة له.
و رغم أن المؤلف لم يذكر تاريخ مولده إلا أنه ذكر معلومات بالإمكان التعرف من خلالها على تاريخ تقريبي لمولده، و هذا ما فعله الدكتور أبو القاسم سعد الله عند تعرضه لهذا المؤلف، و التي خلص من خلالها إلا أنه - أي المؤلف - قد يكون من مواليد عام 1095ه/1688م لأنه ذكر في كتابه أنه سمع في صباه عن شُهرة المفتي محد بن سعيد قدورة الذي توفي عام 1107ه/1695م فيكون عمر المؤلف حينذئذ حوالي سبع سنين.
و قد عاش المؤلف بمدينة الجزائر و تزوج بها و أنجب أولادا قال إنه فقدهم فأصابه الحزن في أواخر حياته، و لم يذكر المؤلف ما إذا كان أولاده قد ماتوا أو فارقوه.
أما والد المؤلف فهو المفتي الحنفي حسين بن رجب شاوش، و قد وصفه إبنه في كتابه هذا ب"الشيخ الإمام الصالح الكامل الأصولي الفقيه ا لمتبحر" و ذكر أنه وُلد بمدينة الجزائر و توفي بها و أنه قد تولى الفتوى سنة 1102ه/1691م و عمره ثلاثون سنة و معنى هذا أنه وُلد سنة 1072ه/1661م، وهكذا فقد أنجب ولده - مؤلف الكتاب - و هو في الثالثة و العشرين من عمره. و لا يقدم المؤلف تاريخا لوفاة والده.
و ذكر المؤلف أيضا أن والده هو أول "كرغلي يتولى منصب الإفتاء، وقد كان الكراغلة قبل ذلك محرومين من تقلد المناصب الهامة نتيجة الصراع الذي كان محتدما بينهم و بين الأتراك.
و قد صان المفتي حسين بن رجب هذا المنصب و أعطاه حقه، كما أنه كان يتصف بأخلاق عالية مما جعله يتمتع بحظوة كبيرة لدى الحكام الأترك، فكنت كلمته مسموعة لديهم فاستغل ذلك في قضاء مصالح الناس عند السلطة الحاكمة، حتى أنه كان يفضل المصالح العامة على مصالحه الخاصة، ولا يعني هذا أنه كان مهملا لولده كما استنتج الدكتور سعد الله، و مما يؤكد هذا وصايا الوالد لولده المؤلف بأن يكون طموحا وأن يهتم بالعلم.
و عُزِل والد المؤلف في عهد الداي أهشي مصطفى الذي ولى مكانه محمد النيار الذي قال عنه المؤلف أنه أهان العلم و أهله، و أنه سن سُنَّة الوقوف أمام الحكام بينما كان الحكام في السابق هم الذين يقفون للعلماء إجلالا لهم.
وأما جد المؤلف فهو رجب بن محمد، وقد جاء للجزائر و هو شاب مراهق ليمارس التجارة برفقة أخ له أكبر منه، في السفن التي كانت ترسلها الدولة العثمانية لإعانة الجزائر آنذاك. و لما بلغ هذا الجد سن الكهولة "ولع بالسفر في البحر طلبا لنيل المغانم ثم أصبح ورديان باشي" أي رئيس الحراس على سفينتين من نوع الغلياطة كانت تمتلكهما امرأة تُدْعَى زهرة باي، ثم قُلِّد رتبة شاوش العسكر بمدينة الجزائر من سنة 1064ه/1653م إلى سنة 1082ه/1671م، ولما انتهت مدة خدمته كشاوش فإنه تقلد رتبة بولوكباشي، ثم أُحيل على التقاعد، وأكمل بقية حياته في الدار التي تقع أعلى حي السويقة الذي يوصل إلى جامع علي بتشين و كان يُعرَف سابقا ب"كالي موسى" و مرض هذا الجد بحصر البول، ثم مات و دُفِن بالمقبرة التي هي قرب الفخار خارج باب الواد بين ضريحي الثعالبي و محمد السعدي.
شيوخ المؤلف : (مُختصر)
ذكر المؤلف في ثنايا كتابه أسماء ثلاثة لشيوخه و هم:
الشيخ محمد بن نيقرو، عمّار المستغانمي ومصطفى العنابي.
الشيخ محمد بن نيقرو، عمّار المستغانمي ومصطفى العنابي.
شكرا 😉
ردحذفسلام وعليكم عندنا 2 باشا مصطفى كوسة و محمد كوسة في الجزائر في عام 1603 و 1613
ردحذفكوسة محمد باشا قوتيل من طرف القبإل حكما من 1603 إلا 1605 بعدهو رضوان بكرلي عمين لي غيت 1607 و كوسة مصطفى أربعة سنوات لي غيت 1611 و مرتين ولي غيت 1613 كوسة مصطفى باشا سومييا عليه المستشفى الجزائر مصطفى باشا وا رمما المسجد سيد عبدالرحمن الضريح في عهده والسلام وعليكم
ردحذف