728x90 AdSpace

  • أحدث المواضيع

    تطورات التيار الإستقلالي الثوري بعد سنة 1947م - المنظمة الخاصة

     


    المبادئ والتنظيم

    شهدت الفترة التي أعقبت تأسيس حزب انتصار الحريات الديمقراطية سنة 1947م عدة تطورات سياسية أفرزت إنشاء هيئات قامت بالإعداد للثورة التحريرية  منها "المنظمة الخاصة".

    المنظمة الخاصة  :

    هي منظمة سرية شبه عسكرية تمثل الجناح العسكري لحزب انتصار الحريات الديمقراطية.  كان الهدف من إنشائها الإعداد للعمل المسلح ضد الإستعمار والتفكير في توفير وسائله البشرية والمادية والقانونية، مستغلة في سبيل ذلك الظروف الدولية التي انبثقت عن الحرب العالمية الثانية والمحلية إثر مجازر 8 ماي 1945م والإحتقان الشعبي الذي أعقبها مما جعل الجزائري يميل أكثر إلى ترجيح العمل المسلح كحَلٍّ وحيد لطرد الإحتلال وتحقيق الإستقلال.

    في 15 فيفري 1947م، عقد الحزب اجتماعا ببوزريعة بالعاصمة في منزل أحد مناضليه يدعى مهدي عوماري، وفي اليوم التالي نقل اجتماعه إلى حي بلكور بمصنع للمشروبات الغازية كان يملكه المناضل مولود ملاين تأسست خلال أعمالهما المنظمة الخاصة.

    شروط الإنضمام إلى المنظمة الخاصة


    التجربة النضالية:

    يتم انتقاء العناصر الراغبة في الإنضمام إلى صفوف المنظمة الخاصة من بين مناضلي الحزب على أن لا تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاما وأن تكون لديهم تجربة ثلاث سنوات نضال على الأقل (في حزب الشعب والذي أسس على أنقاضه بعد حله حزب انتصار الحريات).

    الإيمان بضرورة العمل المسلح:

    على المجند في صفوف المنظمة الخاصة أن يكون مؤمنا بأن الكفاح المسلح هو الوسيلة الوحيدة للتخلص من الاستعمار، وأن يُسَخِّر نفسه لهذه المهمة.

    الشجاعة والإِقدام : 

    وهما شرطان ضروريان لمواجهة مختلف الصعاب التي قد يواجهها المجند حين قيامه بمختلف العمليات التي تتطلبها حرب العصابات.

    السرية والكتمان :

    "كان كل مترشح يقسم بالقرآن الكريم أن يكتم السر بخصوص انخراطه في المنظمة ولم تكن تعلم لا عائلته ولاأصدقاؤه بذلك". - بن يوسف بن خدة - 

    القوة البدنية والإلتزام بالتدريبات :

    على الراغب في الإنضمام إلى المنظمة أن يكون ذا بنية جسدية قوية، وأن يلتزم بالتدريبات الرياضية والعسكرية بشكل مستمرحتى يتمكن من القيام بالمهام وبمجابهة  الصعاب.

    الخبرة العسكرية :

    حيث أعطيت الأولوية للمناضلين الذين أدوا الخدمة العسكرية في صفوف الجيش الفرنسي أو الذين جندوا في الحرب العالمية الثانية لما لديهم من خبرة عسكرية يمكن أن تستفيد منها الوحدات العسكرية التي شكلتها المنظمة الخاصة.

    السلوك الحسن :

    ليكون قدوة لغيره من المناضلين.

    التنظيم العسكري :

    كانت المنظمة الخاصة سباقة في وضع الهيكل الأولي للتنظيم الثوري العسكري في الجزائر.  فقد قسمت الوطن إلى خمس مناطق، هي الجزائر الأولى والثانية، القبائل، وهران وقسنطينة.  وقسمت المنطقة إلى نواحي، والناحية إلى أقسام وأنصاف أقسام… وهذه الهيكلة السياسية والعسكرية التي وضعها قادة المنظمة الخاصة ظلت سارية خلال ثورة التحرير الكبرى 1954-62، مع بعض التعديلات البسيطة والتي أضيفت قبل وبعد مؤتمر الصومام سنة 1956م.

    قيادة أركان المنظمة الخاصة :

    عرفت المنظمة الخاصة منذ تأسيسها سنة 1947م إلى غاية اكتشافها سنة 1950م، ثلاث قيادات لأركانها؛ الأولى بقيادة محمد بلوزداد، والثانية بقيادة حسين آيت أحمد والثالثة بقيادة أحمد بن بلة :

    قيادة الأركان الأولى

    بقيادة محمد بلوزداد، وتتشكل من الأعضاء التالية أسماؤهم :

    • محمد بلوزداد، المسؤول الوطني للمنظمة.
    • أحمد بن بلة مسؤولا عن منطقة وهران.
    • الجيلالي عبد القادر بلحاج(1)، مسؤولا عن التدريب العسكري.
    • الجيلالي رجيمي، مسؤولا عن الجزائر المنطقة الأولى والتي تضم مدينة الجزائر، سهل متيجة والتيطري.
    • محمد ماروك، مسؤولا عن الجزائر المنطقة الثانية والتي تضم إقليمي الظهرة والشلف.
    • عمار ولد حمودة، مسؤولا عن منطقة القبائل.
    • محمد بوضياف، مسؤولا عن منطقة قسنطينة.

    قيادة الأركان الثانية

    • حسين أيت أحمد رئيسا.
    • عبد القادر بلحاج مدربا ومفتشا عاما.
    • محمد بوضياف مسؤولا عن منطقة قسنطينة.
    • الجيلالي رجيمي مسؤولا عن الجزائر المنطقة الأولى.
    • محمد ماروك مسؤولا عن الجزائر المنطقة الثانية.
    • أحمد بن بلة مسؤولا عن منطقة وهران.
    • امحمد يوسفي مكلفا بالإتصالات والاستعلامات.

    قيادة الأركان الثالثة

    • أحمد بن بلة رئيسا.
    • الجيلالي بلحاج مفتشا عاما ومدربا عسكريا ومنسقا بين مختلف المصالح التابعة للمنظمة.
    • امحمد يوسفي مسؤولا عن التكوين العسكري والاستعلامات.
    • الجيلالي رجيمي مسؤولا عن الجزائر المنطقة الأولى.
    • أحمد محساس مسؤولا عن الجزائر المنطقة الثانية.
    • عبد الرحمان بن سعيد مسؤولا عن منطقة وهران.

    القسم الهندسي :

    أنشأه عبدالقادر الجيلالي في أوائل سنة 1948م، وأسندت مهمة إدارته إلى مسؤول ناحية الشلف محمد أعراب، واختص في صناعة مختلف أنواع المتفجرات وكيفية استخدامها، كما تولت هذه المصلحة مهمة تخزين الأسلحة، التي كانت بحوزة المنظمة الخاصة، بالقرب من ساحة أول ماي بالعاصمة.

    قسم الإتصالات :

    أنشأه محمد ماروك وتولى إدارته رمضان عسلة، وكانت مهمته تكوين الإطارات المختصة في الإتصالات وسلاح الإشارة قصد التحكم في استخدام أجهزة الإتصالات وتشفير الرسائل وفك الرموز، ومن بين إطارته محمد مشاطي وعيسى كرمة وغيرهما.

    قسم الإستخبارات :

    مهمته مراقبة أنشطة العدو والإستعلام الأمني والإداري على مصالحه كالشرطة، الدرك والإدارة العامة.

    شبكات الدعم :

    ترأسها امحمد يوسفي، كانت مهمتها استقطاب الدعم الشعبي للثورة الجزائرية لتأمين الملاجئ للمناضلين المطاردين من طرف مصالح العدو وتوفير المخابئ للأسلحة والذخيرة.

    إستراتيجية المنظمة الخاصة :

    إضفاء البعد الشعبي على الثورة :

    في ظل انعدام تكافؤ القوى المادية والبشرية بين الثوار الجزائريين - الذين سيفجرون الثورة فيما بعد -  وبين الدولة الفرنسية الإستعمارية التي تملك مختلف وسائل الحرب، فقد تم اعتماد الطابع الشعبي للثورة وعليه يتطلب تعبئة مختلف الطاقات البشرية الوطنية وجعل تجنيدها من الشروط الأساسية لنجاح الثورة.

    حرب العصابات :

    يستخدم هذا النوع من الحروب في حالة عدم تكافؤ القوى المادية والبشرية بين المتحاربين، ويتميز تكتيك حرب العصابات بسرعة التنفيذ وخفة التنقل، وتنوع العمليات، فتارة تكون على شكل كمائن وتارة أخرى على شكل عمل تخريبي كما قد تكون على شكل عمليات فدائية أو هجومات على مصالح العدو مهما كانت طبيعتها، كما تكون موزعة على أماكن متباينة قصد إرباك العدو وتشتيت قواه المادية والبشرية، كي يضطر إلى الزج بقدرات ضخمة في الميدان دون أن يحقق بها مبتغاة مما يؤثر على قدراته الاقتصادية والعسكرية، ومن ثم الحط من عزيمته على مواصلة الحرب.

    الإستغلال الأمثل لطبيعية الميدان :

    باستعمال العمل الكشفي والإستطلاعي للميدان قبل تنفيذ العمليات للوقوف على مسالك الهجوم والإنسحاب والتعرف كذلك على الموارد البشرية والطبيعية.

    العمل الدبلوماسي كركيزة للكفاح :

    لم يكتف اهتمام قادة المنظمة الخاصة بالنشاط السياسي والعسكري للثورة المرتقبة فحسب، بل منحوا اهتماما كبيرا للعمل الدبلوماسي قصد توسيع مجال الدعم الخارجي للكفاح المسلح في الجزائر وتقليص النفوذ الفرنسي في المحافل الدولية.  ويمكن تلخيص الدور الدبلوماسي للمنظمة الخاصة فيما يلي :

    • كسب الدعم العربي للقضية الجزائرية، فعلى إثر انعقاد دورة اللجنة المركزية لحركة انتصار الحريات الديمقراطية في ديسمبر1948 تقرر ضرورة كسب الدعم المغاربي عن طريق حزب الدستور الجديد التونسي وحزب الاستقلال المغربي، وذلك بغية تحقيق جملة من الأهداف المشتركة، تتمثل في إيجاد تكتل سياسي وعسكري للبلدان المغاربية الثلاث ضد العدو الفرنسي المشترك و تشكيل هيئات شبه عسكرية، على شاكلة المنظمة الخاصة، (تعمل بالتنسيق والتكامل بين هذه البلدان و بين رواد الكفاح المغاربي.  ولتجسيد ذلك ميدانيا اقترح إيجاد كتلة مغاربية متجانسة في أبعادها الاجتماعية، الاقتصادية السياسية والعسكرية قادرة على مواجهة المحتل المشترك بالإضافة إلى كسب باقي الدول العربية ، في إطار مساعي الجامعة العربية، والشعوب العربية الراغبة في التحرر من الإستعمار.
    • نقل ميدان الحرب إلى فرنسا : وذلك بتعبئة الجالية الجزائرية الموجودة في الدول الأوربية بشكل عام وبفرنسا بشكل خاص قصد جمع القوى المادية والبشرية التي يمكن استخدامها في الحرب ضد المستعمر الفرنسي بعقر داره، واستمالة المهاجرين إلى صالح حرب التحرير في الجزائر وكذا تنبيه الرأي العام الفرنسي والدولي بعدالة القضية الجزائرية، ودحض السياسة الفرنسية التي قد تلجأ إلى تعتيم الحقائق وتغليط الرأي العام الفرنسي والدولي عن حقيقة ما يجري في الجزائر.
    • استغلال الظروف الدولية الظروف الدولية :  ركز قادة المنظمة الخاصة على ضرورة استغلال الظروف الدولية لنبذ المشروع الإستعماري الذي يجثم على عدة بلدان لا سيما في قارتي إفريقيا وآسيا، وهو ما يتطلب حتمية تجميع قوى حركات التحرر ودعمها لبعضها البعض وكذا استغلال فرصة الحرب الباردة والتعامل مع الدول الكبرى بذكاء وحضها على الحياد وتأييد حق الشعوب في الإستقلال وتقرير المصير.

    وقفة :

    من خلال هذه الإستراتيجية التي طبقها قادة المنظمة الخاصة، يمكن أن نقف على الحقائق التالية :

    • إستفاد قادة المنظمة الخاصة من تجارب المقاومة الشعبية خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وكذا من تجارب النضال السياسي، فجاء الإعداد للثورة المسلحة شاملا لكل ربوع البلاد، وممزوجا بين الكفاح العسكري والنضال السياسي .
    • كما أن المنظمة الخاصة حددت أسلوب الحرب المرتقب ضد فرنسا والمتمثل في حرب العصابات، والذي مكن الثورة الجزائرية فيما بعد، من مقارعة قوة استعمارية كبرى، بإمكانات مادية وبشرية محدودة وتحقيق استقلال كامل للبلاد بفضل الله تعالى وتوفيق منه.
    • استغلال الوضع الدولي الذي ميز العالم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، والمتمثل في ظهور الهيئات الدولية التي تبنت قضية تحرر الشعوب  - ولو نظريا - مما جعل المنظمة تكثف من نشاطها الخارجي، وهو ما استغل فيما بعد في تشكيل الوفد الخارجي لحركة انتصار الحريات ثم جبهة التحرير الوطني.


    ========================

    (1) المشهور ب"كوبيس" أيام الثورة التحريرية.  قصته معلومة لدى المهتمين بتاريخ الثورة لمن أراد أن يستزيد.  



    • Blogger Comments
    • Facebook Comments

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: تطورات التيار الإستقلالي الثوري بعد سنة 1947م - المنظمة الخاصة Rating: 5 Reviewed By: Algeria Gate
    Scroll to Top