دول المركز ودول المحيط

 
 
 
 
طالعنا بشيء من الأسى والخيبة ردة فعل حكومة أويحي تجاه الضائقة الإقتصادية التي تمر بها البلاد وسط تآكل الإحتياطي النقدي إذ صرح من وهران قائلا : "الحكومة (الجزائرية) تشجع الاستثمار في مجال المحروقات، لا سيما المحروقات الصخرية لأنه لدينا قدرات في هذا المجال".  فالحكومة إذًا تريد بعث مشروع استغلال الغاز الصخري المجمد منذ 2015 بسبب الإحتجاجات والتحفظات عليه.
 

لماذا الخيبة والأسى؟

 
كنا نأمل أن تجابه الحكومةُ الضائقةَ الإقتصادية برتق الفتق بمحاربة المفسدين وكنس المتطفلين وبعث الصناعات وتحرير المبادرات لكن ...
 

إقتصاد الخامات والصناعات الإستخراجية :

 
لم تشذ الحكومة الحالية عما دأبت عليه الحكومات المتعاقبة على الجزائر منذ نهاية السبعينات رغم تنوع الشعارات المرفوعة والوعود المخلفة : استغلال وتصدير الخامات والثروات الطبيعية الغير متجددة أي إخلاء باطن الجزائر من ثرواته وإفقار البلاد في الأمد المتوسط والبعيد مع كل ما تحمله هذه السياسة العرجاء من أخطار على أجيال الغد بِرَهْنِ مستقبلهم.
 

لماذا تنتهج حكوماتنا هذه السياسات العمياء؟  فهل نمقت أنفسنا ومقدراتنا إلى هذا الحد؟

 
العالم هذا منقسم نصفين : دول قوية اقتصاديا وعسكريا ومستقرة سياسيا تسمي نفسها "دول المركز"، ودول عكس ذلك تسميها "دول الأطراف" أو "دول المحيط".  تريد "دول المركز" من "دول المُحيط" أن تكون تابعا لها وخادما.  فهي تريد منها أن تمد مصانعها بالخامات على أن تشتري منها المواد المصنعة فلا عجب أن ترى الجزائر مثلا تصدر البترول الخام وتستورد المواد المكررة كالبنزين! (بلغت فاتورة استيراد المواد المكررة كالبنزين وأنواع أخرى من الوقود مليار دولار مؤخرا حسب تصريح مسؤولين جزائريين).
 
ولا عجب أن ترى المسؤولين يتماطلون في إنشاء مصافي التكرير في بلادنا رغم تضاعف الطلب على الوقود، فمصفاة الجزائر لن تدخل الخدمة إلا أواخر 2018م(*) بعد ركود دام سنوات، أما مشروع مصفاة تيارت الذي سمعنا عنه الكثير منذ أكثر من عقد من الزمان فيراوح مكانه إلى أجل غير محدود.
 

هل هذا قدر محتوم؟

 
لا طبعا، فالدول التي كانت ضعيفة ومتخلفة اقتصاديا ثم انتهجت سياسات سيادية ومستقلة نجحت نجاحا باهرا وما الهند والصين والبرازيل منا ببعيد،  فالهند والصين بدأتا بالتسيير الموجه كما فعلنا نحن ثم انتقلتا انتقالا سلسا نحو الإقتصاد الحر وبدأت البرازيل باقتصاد تصدير الخامات ثم تحولت إلى الصناعات.

بوابة الجزائر
 
 
==============
 
(*) مع التسليم جدلا أنها ستدخل الخدمة أواخر 2018م.  فمشروع إعادة تأهيل مصفاة الجزائر انطلق سنة 2010م على أن يُسَلَّم بعد 21 شهرا إلا أن القائمين على إنجازه تماطلوا مما دفع رئيس سوناطراك إلى إقالة رئيس المشروع في جويلية 2017!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق