الصحوة الإسلامية في تركيا وزيف الظاهرة الأردوغانية

الصحوة الإسلامية في تركيا وزيف الظاهرة الأوردوغانية
رأينا في المقال السابق الدونمة ودورهم في سقوط الخلافة العثمانية، كيف أسس ساباتاي زيفي مجتمعا سريا الهدف منه القضاء على الإسلام من الداخل فامتزجوا مع المسلمين ليرتقوا إلى أعلى المناصب في الدولة، وكانت أولى ضرباتهم في القرن العشرين، تأسيس تركيا العلمانية بزعامة أتاتورك.

لقد دعم أتاتورك الصهيونيه في انشاء وطن قومي لليهود في فلسطين بعد الحرب العالمية الأولى. وهذا ما شرحة كتاب البروفسور Marc David Baer عن سيطرة الدومنة على القيادة التركيه من الرئيس ونزولا فضلاً عن الدبلوماسيين البارزين وعن خروج تركيا من التحالف مع ألمانيا في الحرب العالمية الثانية والذي حرم هتلر من الطريق التركية لحقول النفط في باكو .. وأن جزءا كبيرا من النخبة العسكرية والثقافية والأكاديمية الأقتصادية في تركيا من الدونمة اليهود المتحولين للمسلمين الثوريون الأتراك والعلمانيين، وأن العديد من المواقع المتقدمة في الدولة من هذه الجماعات الدينية. (1)

 جرت كل هذه المعلومات في ذهني وأنا أتابع صعود الإسلام السياسي التركي على يد أوردوغان وأفول نجم الجنرالات الأقوياء بسرعة عجيبة تثير الشكوك.

 المعروف عن المجتمعات السرية لليهود أن لهم خاصية يتميزون بها على سائر الشعوب وهي قدرتهم على التلون وركوب الموجة لترويضها أو حرف مسارها بالإتجاه الذي يختارون.

فالمتتبع لسياسة أوردوغان وحزبه الإسلامي السياسي يشعر أن سياسة تركيا أتاتورك لم تتغير فيها إلا الواجهة ، فمثلما استبق اليهود الأحداث وقدموا الأتاتوركية نموذجا للدولة العلمانية، بعد ملل الشعوب المسلمة جور سلاطين آل عثمان وتعسفهم، بادروا إلى طرح الإسلام الأوردوغاني المتواطئ مع إسرائيل نموذجا لتطلعات الشعوب الإسلامية المشتاقة إلى عدل الإسلام القديم وهروبا من استكبار وفساد النماذج العلمانية.

وبهذا تثبث أيادي المكر أنها تسبق غيرها دائما بأشواط ، ولا ينخدع اللبيب بالمسرحية الهزلية في العداء الذي يروج له بين أنقرة وتل أبيب، كمسرحية 2009 حينما غادر أوردوغان منصة منتدى دافوس إحتجاجا على مداخلة شمعون بيريس (يذكر بالإنتصار المسرحي لأتاتورك في معركة غاليبولي سنة 1915 ليرفع إلى صف البطل القومي) والدليل على ذلك يكمن في المقارنة بين مواقفه الشعبوية بشأن إسرائيل وخنوعه لهم وسكوته عن أخذ ثأر الضحايا الأتراك الذين قضوا برصاص الإسرائيليين خلال حادثة سفينة مرمرة المشهورة، أضف إلى ذلك تأييده نشر الدرع الصاروخي الأمريكي في ربوع بلاده، وهو يعلم كل العلم أن الدرع يمثل خطا دفاعيا عن الكيان الصهيوني ضد صواريخ محتملة من إيران، وفي المقابل ما أسرع أوردوغان إلى استعراض عضلاته المفتولة ورجولته المتفجرة وشجاعة دون كيشوت في الدفاع عن المظلومين في سوريا، واستعداده للدخول بجيشه إلى دمشق!.

وكذلك في إذكائه الفتنة الطائفية في العراق والشام بدعم طرف على حساب طرف آخر، واستعمال التنظيمات الإجرامية لسرقة النفط العراقي والسوري. كل هذا جعلني أتساءل ماذا لو كانت (الدونمة) تقف خلف أردوغان وهي من يضع له مسار سياساته في المنطقة، وماذا لو كانت تخطط لإشعال الفتنة في بلاد الإسلام وجعل أوردوغان المخلص الجديد للمسلمين ليكمل مشروعهم الداعي لتفتيت المنطقة وجعلها شعوبا جاهلة متناحرة فتفشل ويذهب ريحها. 
يقول الدكتور بكير بيراد، وبروفيسور العلاقات الدولية بجامعة إستانبول: "تركيا لم تتخلص تماماً من الماسون، هم ما زالوا يتحكمون في الجيش والقضاء، وهدفهم الأكبر هو إنهاء حالة الديمقراطية التي نعيشها الآن، وكون بعض الجنرالات يقبعون وراء القضبان الآن لا يعني نهاية الخطر؛ لأن هؤلاء شرذمة قليلة، والبقية الكبيرة ما زالت طليقة بيننا".


(1) Marc David Baer, The Dönme: Jewish Converts, Muslim Revolutionaries, and Secular Turks

هناك تعليق واحد:

  1. لا يعني شيئ مجرد تاويلات والتأويل لا يغني عن الحق شيئ ابدا حتى الصورة الملحقة كدالك لا تعني شيئا ابدا لكون التركيب والمونتاج انتم اعلم به مني هداني الله واياكم

    ردحذف