بنو مرين في الجزائر

بنو مرين في الجزائر




أصل بني مرين 

بنو مرين بطن من قبيلة زناتة، مثلهم مثل بني عبد الواد ملوك تلمسان الزيانيين. إستوطنوا منطقة الزاب نواحي بسكرة في الجزائر (أصل منشئهم هو منطقة جبل إيكجان التابعة لولاية سطيف، دائرة بني عزيز، اليوم) إلى أن أزاحهم عنها بنو هلال فهاجروا إلى سهول وهران بالغرب الجزائري. وبعد انهزامهم أمام الموحدين فروا إلى الصحراء ثم دخلوا المغرب الأقصى سنة 610ه واستولوا عليه بعد القضاء على حكم الموحدين واتخذوا من فاس عاصمة لهم.

بنو مرين وبنو عبد الواد 

لكن رغم اشتراكهم في الأصل، فقد تعددت الخلافات والحروب بين بني مرين وبني عبد الواد، فاستولى بنو مرين على ندرومة سنة 698ه ثم هنين في السنة الموالية، ثم وهران ومستغانم ومزغران وتنس وبرشك (قوراية) وشرشال ومليانة ومازونة سنة 700ه ثم المدية سنة 703ه، كما استولوا على مدينة الجزائر وبجاية سنة 736ه. 

لم يسجل التاريخ لبني مرين في الجزائر سوى الحروب والدمار، وما شيدوه بها لا يعدو بعض المنشآت لأغراض عسكرية كمحلة المنصورة التي بُنيت قصد إخضاع تلمسان. ولهذا فإنهم لم يتمكنوا من المكوث طويلا في الجزائر، فطُردوا من تلمسان بعد سبع سنوات من إستيلائهم عليها، وثماني سنوات من استيلائهم على بجاية وثلاث سنوات من دخولهم بونة وقسنطينة. 

نهاية مشؤومة 

عاد بنو مرين إلى مهاجمة بني عبد الواد، فاستولوا على تلمسان سنة 771ه وأقاموا بها حتى سنة 774 هجرية، 1372 للميلاد. فكان القرن الثامن الهجري قرن حروب وتطاحن بين أخوين في النسب والدين تحركهما الندية والأطماع، فكانت عاقبة أمرَيْهما خُسرا والأسوء من ذلك أن هذا الإستنزاف أتاح استقواء الإسبان وعجَّل سقوط ما كان تبقىّ من الأندلس.

ثورة الشريف بوشوشة

الشريف بوشوشة






من هو الشريف بوشوشة؟ 

هو محمد بن التومي بن إبراهيم الملقب ب بوشوشة. ولد بمنطقة الغيشة بالقرب مـن آفلو سنة 1826 أو 1827م حسبما ذهب إليه المؤرخ يحي بوعزيز. سجنته السلطات الإستعمارية ظُلما سنة 1862م لمدة عام بسجن بوخنيفيس بسيدي بلعباس. لكن هذا الإجراء التعسفي زاد من سمعته فأصبح لدية أتباع أخذوا يلتفُّون حوله. 


مراحل ثورة بوشوشة 

مرحلة التحضير : 1863-1869م 

بعد خروج بوشوشة من السجن بدأ التحضير للثورة حيث اتصل بثوار أولاد سيدي الشيخ الذين تقربوا منه وحاولو منحه قيادة نصف جيشهم ولكنه رفض. ثم رحل إلى طرابلس الغـرب سنة 1864م ربما لجمع السلاح والمال أو أخذ التزكية من الطريقة السنوسية التي كان ينتمي إليها. وعند عودته إلى الجزائر، زار عدة مناطق كورقلة ووادي ريغ والأغواط وتوات، كما اتصل بعدة قبائل مثل الشعانبة والمخادمة وبني ثور. وفي عين صالح، بايعه الشعانبة زعيما للثورة على فرنسا. 

مرحلة الإنتصارات : 1870-1872م 

بعد المبايعة، أعلن بوشوشة الثورة وتحرك باتجاه المنيعة ودخلها في أفريل 1870م بعد أن قبض علـى القائد جعفر، المعيَّن من طرف فرنسا . وفي الخامس من مايو وصل نواحي متليلي التي لم يقاومه أهلها، فغادرها عائدا إلى سبسب حيث لحقت به كوكبة من قوم الأرباع تحت قيادة قائـد مخـزن الأغواط، لخضر بن محمد، فاستطاع الثوار الإنتصار عليها يوم 11 مايو. بعد هـذا التحـرك السريع، عاد بوشوشة إلى عين صالح التي مكث بها عشرة أشهر دون نشاط عسكري يُذكر : من مايو 1870 إلى مارس 1871م. 

وخلال هذه الفترة، أرسل جماعة من سكان ورقلة رسالة إلى الثوار جاء فيها: "..لا تبقوا يوما واحـدا، أقـدموا بخيامكم، أحضروا بوشوشة معكم، لم يبق فرنسي واحد، لا أحد يحكم، إلا قيادنا يعاملونا بظلم، تعالوا لتخلصونا". فعزم على دخولها وجمع أتباعه وخطب فيهم خطبة حماسية أكد فيها أن ساعة الخلاص قد حانت ومن جملة ما قـال: "..إن كنتم ترغبون فقط في السلب والنهب فلست منكم، وأما إذا عاهدتموني على أن تعطوني السيادة على ورقلة فاني أقبل قيادتكم، شريطة معاهدتي على الصبر حتى النصر أو الشهادة." سار بوشوشة إلى ورقلة فدخلها يوم 6 مارس 1871م وعيَّن عليها بن ناصر بن شهرة. وفي 8 مارس اتجه صوب غمار ودخلها عُنوة. ثم سار إلى تقرت التي شكى أهلها ظلم عمال فرنسا عليها ،عائلتي علي باي وبوعكاز، فدخلها في 13 مايو. 

مرحلة التقهقر والنهاية : 1872-1874م 

بدأت هذه المرحلة مع قدوم الجنرال الفرنسي دوُلاكروَا إلى ورقلة يوم 5 جانفي 1872م حيث انتقم من أهلها ونكل بقادة المقاومة وأحرق ديار وبساتين عرش بني سيسن الذين اصطفوا سابقا مع الثوار. 

وبعد ذلك تعقبت قوة فرنسية بقيادة العقيد قُومْ، ثوار بوشوشة واشتبكت معهم عند المكان المسمى حاسي تمسقيدة يوم 9 جانفي، فأحرقوا سمالته وسبوا النساء والذراري واستُشهد عدد من الثوار من بينهم حفيد لبن ناصر بن شُهرة. بعد هذه الواقعة، تشتت شمل الشريف بوشوشة، فغادر بن ناصر بن شُهرة إلى تونس مع أتباعه، وانزوى الشعانبة إلى العين الطيبة جنوبا، وبقية أخرى انحصرت نحو عين صالح. 

أما بوشوشة فلم ييأس، فبعد أن استجمع قواه، اتجه إلى توات وكرزاز، وتنقَّل بين البيَّض والأغواط والمنيعة محاولا إعادة تنظيم الجهاد. لكن عند محاولة الإقتراب من ورقلة، تصدى له السعيد بن ادريس أخ آغا ورقلة المُنصب من طرف فرنسا، وهزمه في جويلية 1873م فاحتمى بالجنوب وانقطع حتى مارس 1874م لكنه انهزم مجددا في معركة ملوك قرب عين صالح. 

اقتيد بوشوشة بعد المعركة أسيرا إلى ورقلة ثم إلى الجزائر قبل أن ينتهي به الأمر في محكمة قسنطينة أمام المجلس العسكري الذي حكم عليه بالإعدام، فنُفِّذ فيه يوم 29 جوان 1875م. رحمه الله وكتبه في الشهداء.

الإنتاج الزراعي : الجزائر الأولى مغاربيا


الإنتاج الزراعي :  الجزائر الأولى مغاربيا




حسب أرقام البنك الدولي فقد بلغ الإنتاج الزراعي الجزائري 20،8 مليار دولار سنة 2018م. ويعادل إنتاج الجزائر سنة 2018 إنتاجها سنة 2013 ويقل عن إنتاج 2014 والذي بلغ 22 مليار دولار. لكن تجدر الإشارة إلى أن الإنتاج الفلاحي الجزائري اليوم يفوق أربعة أضعاف ما كان عليه بداية الألفية إذ لم يتجاوز سنة 2000م 4،6 مليار دولار. وقد حلت الجزائر في المرتبة الثانية بعد مصر عربيا والتي بلغت قيمة إنتاجها الزراعي 28،16 مليار دولار.

مغاربيا فقد تقدمت الجزائر على كل من مملكة المغرب التي بلغت قيمة إنتاجها الزراعي 14،4 مليار دولار وتونس ب4،1 مليار دولار ثم موريتانيا ب1،3 مليار دولار.

وعربيا فقد حلت السعودية في المركز الثالث بإنتاج قيمته 17،5 مليار دولار تليها المملكة المغربية ثم السودان بما قيمته 12،8 مليار دولار. وقد بلغ إنتاج الدول العربية مجتمعة ما قيمته 128،4 مليار دولار لنفس السنة.

أما إفريقِيًّا فقد تقدمت على الجزائر، إلى جانب مصر، كٌّل من نيجريا ب 84،2 مليار دولار وكينيا ب 30 مليار دولار ثم إثيوبيا ب 26،3 مليار دولار.



بوابة الجزائر


عائشة، أديبة بجاية

عائشة، أديبة بجاية



عائشة، أديبة بجاية

يورد الغبريني قصة امرأة أديبة أريبة، فصيحة لبيبة، شريفة، من ساكنات مدينة بجاية في القرن السادس الهجري، الثاني عشر الميلادي.  ويذكر أنها كتبت بخط يدها ثمانية عشر سفرا من كتاب الثعالبي لم يُر أحسن منه ولا أصح.

من هو والدها؟

يقول الغبريني :

"هو الفقيه أبو الطاهر عمارة بن يحيى بن عمارة الشريف الحسني، لعلمه وشرفه، هكذا وجدته من خط يده رحمه الله، يكني أبا الطاهر، له علم وأدب وفضل ونبل، قضى في بعض النواحي ببجاية. كان متقدما في علم العربية والأدب، وله تأليف في علم الفرائض منظوم، وتواشيحه في نهاية الحسن وبها يضرب المثل، وكثيرا ما يقول الناس عندما يشطط الإنسان على الإنسان في الطلب فيجاوبه وأغني لك موشحا لعمارة.  وقد ذكر لي أن شعره قد جمع في ديوان، ولكني ما اطلعت عليه وقد رأيت بعض قطع مستحسنة من شعره."

مناقب عائشة كما ذكرها الغبريني :

وكانت له رحمه الله ابنة تسمى عائشة كانت أديبة أريبة، فصيحة لبيبة، وكان لها خط حسن، رأيت كتاب الثعالبي بخطها في ثمانية عشر جزءا، وفي خاتمة كل سفر منه قطعة من الشعر من نظم والدها رحمه الله، إذا ختم السفر وتم التأريخ يكتب بخط يده، وقال عمارة بن يحيى بن عمارة الشريف الحسني، وتكتب ابنته القطعة بخطها، وهي نسخة عتيقة ما رأيت أحسن  منها ولا أصح، ولقد رأيت منه نسخا كثيرة منتقدة إلا هذه النسخة، ولقد يجب أن تكون هذه النسخة أصلا لهذا الكتاب حيث كان، ويقع التصحيح منها، وهذه النسخة من جملة الخزانة السلطانية ببجاية أبقاها الله وحفظها، ومن الغريب أني رأيت هذا الكتاب في سفر واحد، رأيته بحاضرة قسنطينة عند أمام جامع قصبتها المحروسة وهو المعروف بابن الغازي، وأكثر ما رأيته في ثمانية عشر سفرا وأقل ما رأيته في سفر، وهو بخط بين لا بأس به. ومن شعر الشريفة عائشة رحمها الله:

أخذوا قلبي وساروا … واشتياقي أودعوني
لا عدا أن لم يعودوا … فاعذروني أو دعوني

ويقال أنها بعثت بهما إلى ابن الفكون شاعر وقته، وقالت عارضهما أو زد عليهما، فكتب لها معتذرا عن الجواب، أن الاقتصار عليهما هو الصواب. ولها أيضا.

صدني عن حلاوة التشييع … اجتنابي مرارة التوديع
لم يقم خير ذا بوحشة هذا … فرأيت الصواب ترك الجميع

ولها رحمها الله ظرائف أخبار، ومستحسنات أشعار، لكن هذا الموضع لم يقصد به هذا المعنى فيقع منه الإكثار، وإنما المقصود منه صورة التعريف بالرجال [ذكرها في سياق ترجمته لوالدها]، وذكر بعض شواهد الحال.

جزائر بومدين من خلال نظرة دبلوماسي أردني






كان الوضع في الجزائر التي قضيت فيها نحو سنتين قائماً بأعمال السفارة الأردنية مختلفاً عما كان عليه في تونس. فقد جئت إلى الجزائر بعد مرور سنة على الانقلاب العسكري الذي قام به قائد جيش التحرير الوطني هواري بومدين، وأطاح بالرئيس الجزائري أحمد بن بلة وبحكومته. 

وكانت الحالة غير مستقرة. وكنت أتلقى منشورات سرية بالبريد العادي أو توزع باليد على صناديق البريد في السفارات المعتمدة في الجزائر، تدين بومدين وفريقه الحاكم المؤلف من أحمد مدغري وزير الداخلية، وعبد العزيز بوتفليقة وزير الخارجية، وشريف بلقاسم ومحمد شريف مساعديه المسؤولين عن جبهة التحرير الوطني الجزائرية، وقايد أحمد وزير المالية، والعقيد طاهر الزبيري قائد الجيش. 

وكانت البلاد تحكم حكماً فردياً مطلقاً ويسيطر الجيش على مقدراتها. أما الحزب الوحيد الحاكم في البلاد، حزب جبهة التحرير الوطني، فلم يكن مسيطراً سيطرة تامة على مؤسسات الدولة وأجهزتها، كما كانت الحال في تونس. وكان الصراع على السلطة في الجزائر ما زال قائماً، ولذا قام طاهر الزبيري بمحاولته الانقلابية العسكرية في صيف 1967 التي منيت بالفشل. ومنذئذ تمكن بومدين من فرض سيطرته على الدولة وأجهزتها ورسخ سلطته في البلاد حتى وفاته بعد ما يربو على أثني عشر عاماً. 

ومن محاسن حكم بومدين توفير الاستقرار والأمن في البلاد اللذين مهدا للتنمية الاقتصادية واستعادة الدولة لملكية النفط والغاز الجزائريين من الشركات الفرنسية، وتوزيع الأراضي على الفلاحين. كما تم تعريب التعليم العام والعالي في معظمه، وتعريب المعاملات والإجراء في مختلف مؤسسات الدولة وأجهزتها. والشعب الجزائري معروف بطيبته وبساطته ووطنيته واستعداده للتضحية دفاعاً عن هويته العربية الإسلامية وكرامته الإنسانية. والإنسان الجزائري حساس وحذر وكتوم، قلما ينفتح على الغرباء، وأعتقد أن ذلك يعود إلى ما عاناه من ظلم وقمع واضطهاد على يد المستعمرين الفرنسيين، وإلى ممارسة الكتمان والتصرف بحذر شديد طوال سنوات الثورة الجزائرية وما صاحبها من قتل وتشريد وتعذيب. وبسبب هذا الوضع كانت صلاتي مع الأخوة الجزائريين محدودة، وقلما تناولت مع صديق جزائري الوضع الداخلي في الجزائر في حديثي معه. وكنت أحصل على معلوماتي عن أحوال البلاد من المشاهدة الشخصية ومن أصدقائي في السفارات المعتمدة في الجزائر، وهم كثر. وكثيراً ما كنا نقضي ساعات في تحليل الوضع الداخلي في البلاد. 



---------------------------------------------------------- 

من "ذاكرة الأيام" ل علي مفلح محافظة، القائم بالأعمال الأردني بين سنتي 1966-67 بالجزائر.