الحالة الثقافية والفكرية في الجزائر قبل الاحتلال الفرنسي



إن انتشار المدارس والمعاهد والزوايا في مختلف نواحي الجزائر خلال تلك الفترة، دليل على أن الحياة الفكرية والثقافية كانت مزدهرة بها. وقد اشتهرت مدن قسنطينة والجزائر وتلمسان وبلاد ميزاب في الجنوب بكثرة المراكز التعليمية، وكان يقوم عليها أساتذة وعلماء مشهود لهم بعلو المكانة ورسوخ القدم في العلم والمعرفة، مثل الشيخ «الثميني» في الجنوب، والشيخ «الداوودي» في تلسمان، والشيخ «ابن الحفّاف» بالعاصمة، والشيخ «ابن الطبّال» بقسنطينة، والشيخ «محمد القشطولي» في بلاد القبائل، وغيرهم كثير ممن تفرّغوا للتدريس ونشر العلم.

وكان من نتائج هذا الانتشار الواسع لمراكز التربية والتعليم، أن أصبحت نسبة المتعلمين في الجزائر تفوق نسبة المتعلمين في فرنسا، فقد كتب الجنرال فالز سنة (1834م) بأن كل العرب الجزائريين تقريبًا يعرفون القراءة والكتابة، حيث إن هناك مدرستين في كل قرية... أما الأستاذ «ديميري»، الذي درس طويلاً الحياة الجزائرية في القرن التاسع عشر، فقد أشار إلى أنه قد كان في قسنطينة وحدها قبل الاحتلال خمسة وثلاثون مسجدًا تستعمل كمراكز للتعليم، كما أن هناك سبع مدارس ابتدائية وثانوية يحضرها بين ستمائة وتسعمائة طالب، ويدرّس فيها أساتذة محترمون لهم أجور عالية.


وقد أحصيت المدارس في الجزائر سنة (1830م)، بأكثر من ألفي مدرسة ما بين ابتدائية وثانوية وعالية.

وكتب الرحالة الألماني «فيلهلم شيمبرا» حين زار الجزائر في شهر ديسمبر (1831م)، يقول: «لقد بحثتُ قصدًا عن عربي واحد في الجزائر يجهل القراءة والكتابة، غير أني لم أعثر عليه، في حين أني وجدت ذلك في بلدان جنوب أوروبا، فقلما يصادف المرء هناك من يستطيع القراءة من بين أفراد الشعب».. وخير المثال ما شهد به الأعداء.

وقد برز في هذه الفترة علماء في كثير من العلوم النقلية والعقلية، زخرت بمؤلفاتهم المكتبات العامة والخاصة في الجزائر، غير أن يد الاستعمار الغاشم عبثت بها سلبًا وحرقًا، في همجية لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلاً.

يقول أحد الغربيين واصفًا ذلك: «إن الفرنسيين عندما فتحوا مدينة قسنطينة في شمالي أفريقيا، أحرقوا كل الكتب والمخطوطات التي وقعت في أيديهم، كأنهم من صميم الهمج».

يظهر مما ذكرنا أنه كان للجزائر مكانها المرموق بين أقطار المغرب في خدمة علوم العربية والإسلام، كما قدّمت للميدان أعلامًا من رجالها، حملوا الأمانة، وكانت تُشدُّ إليهم الرحال في طلب العلم.

عبد الحميد بن باديس رائد النهضة العلمية والإصلاحية في الجزائر (1307هـ/1889م-1359هـ/1940م) - 1

عبد الحميد بن باديس


هو عبد الحميد بن محمد المصطفى بن المكي بن محمد كحول بن الحاج علي النوري بن محمد بن محمد بن عبد الرحمان بن بركات بن عبد الرحمان بن باديس الصنهاجي. ولد بمدينة «قسنطينة» يوم الأربعاء 11 ربيع الثاني (1307هـ) الموافق 4 من ديسمبر (1889م) الساعة الرابعة بعد الظهر، وسجل يوم الخميس 12ربيع الثاني (1307 هـ) الموافق 5 ديسمبر (1889م) في سجلات الحالة المدنية كون الفرنسيين أتموا ضبطها سنة (1886م).

الجذور

كان عبد الحميد الابن الأكبر لوالديه، فأمه هي: السيدة زهيرة بنت محمد بن عبد الجليل بن جلول من أسرة مشهورة بقسنطينة لمدة أربعة قرون على الأقل، وعائلة «ابن جلول» من قبيلة «بني معاف» المشهورة في جبال الأوراس، انتقل أحد أفرادها إلى قسنطينة في عهد الأتراك العثمانيين، وهناك تزوج أميرة تركية هي جدة الأسرة «ابن جلول» ولنسبها العريق تزوجها والده محمد بن مصطفى بن باديس (متوفى 1951م) الذي شغل منصب مندوب مالي وعضو في المجلس الأعلى وباش آغا شرفي، ومستشار بلدي بمدينة قسنطينة ووشحت فرنسا صدره بميدالية « d’honneur Chevalier de la légion la légion »، وقد احتل مكانة مرموقة بين جماعة الأشراف، وكان من ذوي الفضل والخلق الحميد، ومن حفظة القرآن الكريم، ويعود إليه الفضل في إنقاذ سكان منطقة «واد الزناتي» من الإبادة الجماعية سنة (1945م) على إثر حوادث 8 مايو المشهورة، وقد اشتغل بالإضافة إلى ذلك بالفلاحة والتجارة، وأثرى فيهما. 

أما إخوته الستة: الزبير المدعو المولود، العربي، سليم، عبد المليك، محمود وعبد الحق، والأختين نفيسة والبتول، فقد كانوا جميعا يحسنون اللغة الفرنسية باستثناء الأختين، وكان أخوه الزبير محاميا وناشرا صحفيا في صحيفة «صدى الأهالي» ما بين (1933 – 19340م). كما تتلمذ الأستاذ عبد الحق على يد أخيه الشيخ عبد الحميد بالجامع الأخضر وحصل على الشهادة الأهلية سنة (1940م) على يد الشيخ مبارك الميلي بعد وفاة الشيخ بن باديس بحوالي شهرين. 

ومن أسلاف عبد الحميد المتأخرين جده لأبيه: الشيخ «المكي بن باديس» الذي كان قاضيا مشهورا بمدينة قسنطينة وعضوا في المجلس العام وفي اللجنة البلدية، وقد احتل مقاما محترما لدى السكان بعد المساعدات المالية التي قدمها لهم خاصة أثناء المجاعة التي حلت بالبلاد فيما بين (1862 – 1868م) ودعي إلى الاستشارة في الجزائر وباريس، وقد تقلد وساما من يد «نابليون الثالث» [تقلد رئاسة فرنسا من (1852-1848م) وإمبراطور من (1852-1870م).

وعمه «حميدة بن باديس» النائب الشهير عن مدينة قسنطينة أواخر القرن التاسع عشر الذي اشترك مع ثلاثة من زملائه النواب في عام (1891م) في كتابة عريضة بأنواع المظالم والاضطهادات التي أصبح يعانيها الشعب الجزائري في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي من الإدارة الاستعمارية والمستوطنين الأوروبيين الذي استحوذوا على الأراضي الخصبة من الجزائريين وتركوهم للفقر والجوع وقاموا بتقديمها إلى أحد أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي الذي حضر إلى الجزائر من أجل البحث وتقصي الأحوال فيها كي يقدمها بدوره إلى الحكومة الفرنسية وأعضاء البرلمان الفرنسي في باريس وذلك بتاريخ 10 أبريل سنة (1891م) أي بعد ولادة عبد الحميد بن باديس بحوالي ثلاثة سنوات فقط.
 
أما من قبلهم من الأسلاف الذين تنتمي إليهم الأسرة الباديسية فكان منهم العلماء والأمراء والسلاطين، ويكفي أن نشير إلى أنهم ينتمون إلى أسرة عريقة في النسب كما يقول مؤلفا كتاب أعيان المغاربة المستشرقان «  Marthe et Edmond Gouvion » والمنشور بمطبعة «فوناتانا» في الجزائر عام (1920م)، بأن ابن باديس ينتمي إلى بيت عريق في العلم والسؤدد ينتهي نسبه في سلسلة كعمود الصبح إلى بني باديس الذين جدهم الأعلى هو مناد بن مكنس الذي ظهرت علامات شرفه وسيطرته في وسط قبيلته في حدود القرن الرابع الهجري، وأصل هذه القبيلة كما يقول المستشرقان من «ملكانة أو تلكانة» وهي فرع من أمجاد القبيلة الصنهاجية العظيمة «البربرية» المشهورة في الجزائر والمغرب الإسلامي.
 
ومن رجالات هذه الأسرة المشهورين في التاريخ الذين كان الشيخ عبد الحميد بن باديس يفتخر بهم كثيرا «المعز لدين الله بن باديس» [حكم: 406-454 هـ/1016- 1062م] الذي أبعد النفوذ العُبيدي (الفاطمي) عن المغرب، وعمل على تنظيم انفصال المغرب الإسلامي سياسياً ومذهبياً عن الحكم العبيدي، وحارب الشيعة الرافضة في إفريقية، وحمل الناس على اعتناق المذهب السني، حيث قاوم البدعة ودحرها، ونصر السنة وأظهرها، وأعلن مذهب أهل السنة والجماعة مذهبًا للدولة، مؤسس الدولة الصنهاجية وابن الأمير «باديس بن منصور» والى إفريقيا والمغرب الأوسط [حكم: 373-386 هـ/984- 996م] سليل الأمير «بلكين بن زيري بن مناد المكنى بأبي الفتوح» والملقب سيف العزيز بالله الذي تولى الإمارة (361-373هـ/971- 984م) إبان حكم الفاطمين.
 
وفي العهد العثماني برزت عدة شخصيات من بينها قاضي قسنطينة الشهير أبو العباس «حميدة بن باديس» (توفى سنة 969 هـ/1561م) قال عنه شيخ الإسلام عبد الكريم الفكون: «هو من بيتات قسنطينة وأشرافها، وممن له الريّاسة والقضاء والإمامة بجامع قصبتها، وخَلَفُ سلف صالحين علماء حازوا قصب السبق في الدراية والمعرفة والولاية، وناهيك بهم من دار صلاح وعلم وعمل».
 
وأبو زكريا «يحيى بن باديس بن الفقيه القاضي أبو العباس»، كان حييا ذا خلق حسن، كثير التواضع، سالم الصدر من نفاق أهل عصره، كثير القراءة لدلائل الخيرات ذا تلاوة لكتاب الله.
 
وأبو عبد الله «محمد بن باديس»، قال عنه الشيخ الفكون: «كان يقرأ معنا على الشيخ التواتي [محمد التواتي أصله من المغرب كانت شهرته بقسنطينة وبها انتشر علمه، كانت له بالنحو دراية ومعرفة حتى لقب بسيبويه زمانه، وله معرفة تامة بعلم القراءات] آخر أمره، وبعد ارتحاله استقل بالقراءة عليّا وهو من موثقي البلدة وممن يشار إليه».
 
والشيخ «أحمد بن باديس» الذي كان إماما بقسنطينة أيام «الشيخ عبد الكريم الفكون» خلال القرن الحادي عشر الهجري، السابع عشر الميلادي. 
 
من هذه الأسرة العريقة انحدر عبد الحميد بن باديس، وكان والده بارًا به يحبه حبا جما ويعطف عليه ويتوسم النباهة وهو الذي سهر على تربيته وتوجيهه التوجيه الذي يتلاءم مع فطرته ومع تطلعات العائلة، كما كان الابن من جهته يجل أباه ويقدره و يبره. والحق أن «عبد الحميد» يعترف هو نفسه في آخر حياته بفضل والده عليه منذ أن بصر النور وذلك في حفل ختم تفسير القرآن سنة (1938م)، أمام حشد كبير من المدعوين ثم نشر في مجلة (الشهاب)، فيقول: «إن الفضل يرجع أولاً إلى والدي الذي ربّاني تربية صالحة ووجهني وجهة صالحة، ورضي لي العلم طريقة أتبعها ومشرباً أرده، وقاتني وأعاشني وبراني كالسهم وحماني من المكاره صغيراً وكبيراً، وكفاني كلف الحياة .. فلأشكرنه بلساني ولسانكم ما وسعني الشكر. ولأكلُ ما عجزت عنه من ذلك للَّه الذي لا يضيع أجر المحسنين».

 

المهاجرون الأندلسيون و آثارهم بالجزائر

المهاجرون الأندلسيون و آثارهم بالجزائر
La Cour du Palais de Dar Khdaouedj El Amia, Alger



أدَّت الهجرات الأندلسية المتتابعة نحو مدينة الجزائر إلى ارتفاع عدد السكان من 25 ألف (1518م) إلى 70 ألف (1580) ليرتفع إلى ما بين 100 ألف و120 ألف نسمة عام 1634م حسبما يستنتج من المصادر المعاصرة، بحيث أصبح الأندلسيون يشكلون ربع سكان مدينة الجزائر في بداية القرن الحادي عشر الهجري، مستهل القرن السابع عشر الميلادي، فقد قدر الراهب الإسباني هايدو(Haèdo) عددهم عام 1609م بما لا يقل عن 25000 نسمة وهذا ما اضطر حكام الجزائر إلى تحويل قسم منهم إلى الأرياف المجاورة كما حدث عام 1512م.

كما انجرَّ عن تكاثر الأندلسيين بمدينة الجزائر تخصيص أماكن أخرى لاستقرارهم غير بعيد عن الجزائر، فقد أقامت أسر أندلسية بزعامة سيدي أحمد الكبير في مدينة البليدة (942هـ/1535م) وأنشأت جماعات المدجنين القادمين من قشتالة وثغور بلنسية مدينة القليعة (957هـ/1550م)، كما طوروا مدينة القل، وساحل الجزائر الشرقي، وجعلوا من مرفأ ثامنتفوست حصنًا وقلعة لحماية الجزائر البيضاء المحروسة، انتقامًا من الإسبان الذين أذاقوهم الأمرين.

لم يمانع حكام الجزائر تشجيع بعض الأندلسيين على العودة إلى وطنهم بهدف الجوسسة أو إثارة إخوانهم المدجنين ضد الحكم الإسباني، وفي هذا الإطار من النشاط السرِّي سارع موريسكيو بلنسية إلى إخبار إخوانهم بالجزائر بالإستعداد الإسباني للقيام بحملة بحرية ضد الجزائر سنة 1601م فأرسلوا لهذا الغرض زورقًا على جناح السرعة وعندما نجحت مساعيهم وفشل الهجوم الإسباني لم يترددوا حسب الوثائق الإسبانية التي أوردت الخبر في إقامة حفلات بهيجة جماعية تعبيرًا عن تضامنهم مع إخوانهم بالجزائر(1).

الدعم العسكري

ساعد الأندلسيون في تدعيم الحكم العثماني بالجزائر، وقدموا يد المساعدة والعون للأخوين عرُّوج وخير الدين بربروسة في صراعهم مع الإسبان حيث كان الأخوان سببًا بعد الله في خلاص كثير من المسلمين من أيدي الكفرة المتمردين ونقلهم إلى أرض الإسلام.

اتخذ حكام الجزائر منذ عهد خير الدين من الأندلسيين جنودًا لحراسة أبراج مدينة الجزائر وألَّفوا منهم فرقًا عسكرية شاركت في توطيد الحكم العثماني في الأقاليم الداخلية للجزائر، فقد شارك 500 أندلسي من أهالي غرناطة وأراغون وبلنسية في الحملة التي شنها خير الدين للقضاء على حميد العيد حليف الإسبان المستبد بمدينة تنس ونواحيها عام 1517م كما كلفت جماعات الأندلسيين بحراسة مدينة المدية بعد أن تمكن خير الدين من تنحية محمد بن العابد وإلحاقها بالسلطة المركزية بالجزائر، كما قضت فرقة من الرماة (500) على حاكم مليانة المدعو حسن أيام حسن بن خير الدين. 

تزايد عدد المدجنين الأندلسيين المدافعين عن الجزائر المحروسة وبلغ شهداؤهم أيام حملة الصليبي شارل الخامس حوالي 5000 شهيدًا وبلغ عدد الأندلسيين المجندين 6000 فرد من مجموع 15000 رجل المقدرين للجيش والقوة العسكرية الجزائرية(2). ولا يمكن لعاقل إلا الاعتراف لهؤلاء الأندلسيين بالفضل الكبير في تحديث الجيش الإسلامي بالجزائر في العهد العثماني نظرًا لخبرتهم الطويلة في الجهاد وصد حملات القوات العسكرية الإسبانية التي أذاقتهم الأمرين.

النشاط الاقتصادي

اشتغل أندلسيو فحص الجزائر في الأعمال الزراعية والتجارية والحرفية وتفوقوا في ضروب الصناعات التقليدية، وكان أغلبهم بباب الواد وباب عزُّون من صناع أهل الأندلس، وأهم الصناعات التي عرف بها الأندلسيون صناعة النسيج بمختلف أصنافها" أقمشة الكتان والقطن والحرير والمحمل (القطيفة)"،وقد كانت معامل الأقمشة في الربع الأول من القرن السادس عشر تضم ما لا يقل عن 3000 عامل كما لا تقل هذه الصناعة أهمية عن بقية الصناعات والحرف الأخرى التي أتقن صناعتها الأندلسيون وهي التطريز(الشبيكة) والقلانس(الشاشية) وصناعة الحلي وتجهيز السفن وصناعة الأسلحة.

لم يقتصر النشاط الاقتصادي الخاص بالهجرة الأندلسية في المتيجة وفحص الجزائر وبقية مدن وحواضر استقرارهم على الجانب الحرفي فقط، فقد نشطوا العمل الزراعي في الساحل الشرقي والغربي لمدينة الجزائر، حيث استصلحوا الأراضي وأخرجوا الماء ونظموا الرعي بفحص باب الوادي بواسطة مياه المعامل وفحوص باب عزون باستغلال مياه الحامة وواد خنيس ووادي الجر فبنوا الأحواض والصهاريج والسواقي والقنوات والحنايا والنوريات (الناعورات) وحفروا آبار الماء، وأنشأوا العيون، وكانت من أهمها عيون الحامة التي بناها أوسطى موسى، أحد الصناع الأندلسيين عـلى عهد قوصة مصطفى حاكم الجزائر(1610-1613م).

على أن أهم آثار الأندلسيين في مدينة الجزائر والبليدة والقليعة والمدية يتمثل في تلك التقنيات الزراعية المتطورة التي أدخلوها إلى هذه المدن من حيث آلات العمل الفلاحي وطرق التشذيب والتلقيح والغراسة واختيار التربة ونوعية المياه(3)، مما أدَّى إلى تحسين أنواع عديدة من الأشجار المثمرة كالعنب، والبرتقال والزيتون والتفاح والجوز واللوز والمشمش، وإدخال أنواع جديدة من الخضر والفواكه لم يألفها السكان قبلهم مثل:حب الملوك (الكرز) والنارنج والقرنون والكراث والجلبان والملفوف والباذنجان والطماطم والبطاطس والفلفل وأنواع الزهور والقرمز.

شكل الأندلسيون أساس اقتصاد مدينة الجزائر بمثل الأعمال الحرفية والتجارية والزراعية التي جلبوها معهم من موطنهم الأصلي الأندلس بمختلف أقاليمه. وكان الأندلسيون المهجرون نحو الجزائر نواة تطور مدينة البليدة حيث قاموا باستصلاح فحص المتيجة وأقاموا البساتين الغناء وأحواض الماء لسقي البساتين والحقول، فعرف سكان المنطقة سعة الرزق ورخاء المعيشة أثناء القرنين السادس عشر والسابع عشر وهذا ما جعل سيور دي لا كروا (Sieur de lacroix) يؤكد على أن 2000 موريسكي هم سبب في جعل مدينة الجزائر مدينة غنية بمشاغل الحرير والقطيفة وغيرها من الصناعات اليدوية المتطورة الدقيقة(4). 

التأثير على البنية الاجتماعية لفحص الجزائر والمتيجة

ظل الأندلسيون شريحة اجتماعية متماسكة، يحتكر أفرادها أغلب المناصب الإدارية والوظائف الاجتماعية المهمة التي لم يشغلها الأتراك بمدينة الجزائر، وقد كانت لهذه الجماعة حظوة ومكانة لدى الحكام وتعامل خاص مع التجار الأوروبيين والمتعاملين اليهود الذين قدموا من الأندلس أو المدن الإيطالية وقد اشتهرت من هذه الطبقة الميسورة عدة أسر توارثت الثروة والنفوذ، واشتغل أفرادها بالتجارة والصناعة مثل ابن رامول، وابن هنِّي وابن النيقرو، وبرحال، وبوناتيرو، وبن تشيكو وبن الكبابطي، وبوضربة، وابن الشاهد، وابن الأمين، وابن عمار، وخوجة، والزهار، والآبلي وشلاسة، والعنجدون وغيرها(5). 

ازدهار الحياة الفكرية والفنية بمدينة الجزائر

ساهم الأندلسيون بقسط وافر في التعليم بالمدارس المشهورة منها مدرسة الأندلس، مدرسة القشاش، كما كان لهم نصيب في فنون الأدب والثقافة لم يصل إلى مستوى أسلافهم من علماء بجاية وتونس وفاس ولكنه مكَّن من المحافظة على التقاليد التربوية والتعليمية الأندلسية كما ضمن استمرار التقاليد العلمية والفقهية والأدبية، فأصبح للفتح بن خاقان ولسان الدين بن الخطيب مثالا يحتذى به في فن الترسيل والنثر الفني، كما تؤكده أعمال ابن عمار وابن حمادوش وابن ميمون، كما تولَّى الأندلسيون الوظائف الشرعية كالقضاء والإمامة والخطابة والنظر في الأحباس والأوقاف واشتهر منهم في مجال القضاء: ابن النيقرو وابن الأمين وابن عمار وابن الكبابطي. أما في ميدان الفن فكان اهتمامهم كبيرًا كادوا ينفردون بتنشيط الحياة الفنية، فقد نقلوا إلى فحص الجزائر ومدنه الشهيرة الموشحات والأزجال الأندلسية المعروفة عندنا (بالمالوف) وأدخلوا آلات موسيقية أندلسية، وحافظوا عليها مثل العود والرباب، والكامنجة، والصنوج والطبيلة والطارو والدربوكة، وأحيوا المواليد والإخوانيات وقصائد المديح والغزل والتشبيب ووصف الطبيعة والرثاء، وشعر الحرب، ومن أشهر منظمي الموشحات أبو العباس أحمد بن عمار الأندلسي الجزائري متولي إفتاء المالكية سنة 1180هـ/1766م(6) وصاحب الرحلة الشهيرة "نحلة اللبيب في الرحلة إلى الحبيب"(7) و"لواء النصر". ومحمد بن الشاهد الأندلسي الجزائري (ت.1207هـ/1793م).وعمر بن سيدي علي الأندلسي، متولي قضاء الحنفية سنة 1163هـ/1750م، وغيرهم من العلماء(8).

وفي الختام نقول إن الهجرة الأندلسية الأولى قبل سقوط غرناطة والهجرة الثانية بعد ثورة البشارات أعطت للجزائر عامة ومدنها الساحلية والداخلية خاصة بُعْدًا أندلسيا واضحًا، وأصبحت الجزائر وطنهم فدافعوا عنه بالغالي والنفيس طوال صراعها لمدة ثلاثة قرون مع إسبانيا النصرانية الكاثوليكية.

واندمج الأندلسيون مع "البلدية" من السكان "الحضر" والكراغلة وطبقة الأتراك، وشكلوا طبقة ميسورة. فتأثرت هذه الطبقة بلباس الأندلسيين ولهجاتهم، كما تأثر "البرانية" من البدو بسلوك هذه الفئة المتحضرة في المعاملة والمظهر الأنيق. فطبع الأندلسيون المدينة بطبائعهم الاجتماعية وأثروا على حرف مدينة الجزائر، كما أشار إلى ذلك أكثر من باحث في هذا العصر الذي كون مجتمعًا متماسكًا لمدة قرون حتى غزاهم الاستعمار، فدمروا العمران الموريسكي، وحطموا المساجد ومعاهد العلم وغيروا الشوارع بدعاوى توسيع المدينة، وهيمنوا على العقار، وأرجعوا سكان المدينة إلى عصر ما قبل تحضر المدينة في القرن السادس عشر والقرون التي جاءت بعده.
  

(1)- ناصر الدين سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر، ص:234.أحمد توفيق المدني، حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر وأسبانيا(1492-1792م).الجزائر، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، 1977م.
(2)- انظر رسالة فيليب الثاني ملك أسبانيا إلى فورك فو(Fourque Youls) سفير فرنسا بتاريخ 6 جويلية 1566م.ناصر الدين سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر،ص:236.
(3)-لمزيد من الإطلاع على مسائل الماء والتقنيات الفلاحية التي برع فيها الأندلسيون منذ عهد قديم انظر: محمد الأمين بلغيث، الحياة الفكرية بالأندلس في عصر المرابطين، المجلد الثاني،ص:529 وما بعدها.
(4)- سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر،ص:237.أحمد توفيق المدني، حرب الثلاثمائة سنة، ص:420.
(5)- سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر،ص:236.
(6)- أبو القاسم سعد الله، تاريخ الجزائر الثقافي، الجزء الأول، بيروت، دار الغرب الإسلامي،1981م.ص:282.
(7)-هذه الأعمال من اهتمامات المؤرخ سعد الله ونشر نصوصها الهامة، كما نشر رسالة الغريب إلى الحبيب تأليف أحمد أبو عصيدة البجائي، بدار الغرب الإسلامي عام 1993م.
(8)- سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر، ص:239.

الهجرات الأندلسية إلى الجزائر

 

الهجرة الأندلسية الأولى

تتميز الهجرات الأندلسية الأولى كما ذهب إلى ذلك جل المؤرخين الجزائريين بأنها هجرات أسر وجيهة وأعلام أندلسية بارزة كان لها الأثر الكبير في جميع الميادين العلمية والاقتصادية وقد استقطبتهم بجاية الناصرية والحفصية بصورة بارزة(1).

و يبدو أن أول هجرة أندلسية واضحة نحو الجزائر "جزائر الثعالبة" جاءت على إثر سقوط سرقسطة البيضاء عام 512هـ/1120-1121م فاستقروا في أعالي الجزائر و كان موطن استقرارهم بحي أو حومة الثغريين ولا تزال الهضبة التي استوطنوها تحمل اسمهم إلى اليوم، ويعود لهم الفضل الأكبر في إحياء المنطقة والقضاء على أحراش بوزريعة واستصلاح غابات المنطقة كما سيأتي ذكره لاحقًا. لقد كان خط سير الثغريين من سرقسطة البيضاء أيام حكم أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين (537هـ/1143م)، فقد حملهم الأسطول المرابطي العامل في السواحل والجزر المرابطية من ميناء ألمرية إلى جزائر الثعالبة رأسًا وقد كانت الحاضرة المرابطية الشهيرة بالمغرب الأوسط (الجزائر).

أما الهجرة الأندلسية الثانية في هذه المرحلة المبكرة في منتصف القرن السادس الهجري، الثاني عشر الميلادي فقد تمت أيام سقوط المرية نفسها على يد الصليبيين الفرنسيين من بروفانس وإمارة لانغدوك جنوب ووسط فرنسا، وكانت محطة استقرارهم الأولى بجاية الناصرية ثم تحولوا في ظروف لا نعلم دواعيها إلى فحص الجزائر، وكان استقرارهم ببساتين ثامنتفوست لقرب سهول المنطقة من المرافئ البحرية للجزائر الشرقية(2). وصد الحملات الإسبانية التي تسعى للسيطرة على ضفتي المتوسط في إطار الإمبراطورية الجديدة(3).

الهجرة الأندلسية الثانية

كانت هجرة أهل بلنسية الشهيرة، هجرة كثيفة نحو تونس الحفصية وبجاية كما خرجت عائلات كثيرة من تونس واستقرت أولا بمدينة القل وتادلس "دلس" حاليا ومنها إلى فحص الجزائر المتيجة أيام اشتداد الحملات الصليبية الإسبانية على بجاية وبونة والقالة ودلس. هذه الهجرات كانت بطريقة أو بأخرى تتم نحو جزائر الثعالبة منذ أيام المرابطين والموحدين فأسسوا مدينة القليعة فيما بعد.

ومن الأسباب الموضوعية التي أدت إلى استقرار هذه الجاليات الأندلسية من سرقسطة البيضاء وألمرية وبلنسية خاصة إلى حاجة الثعالبة  - وهم فرع من عرب المعاقيل الذين ملكوا المتيجة وضواحي مدينة الجزائر العاصمة والفحص بصورة خاصة - إلى خبرة هؤلاء الأندلسيين الزراعية خاصة والحرفية عامة.
   
واستقرت حوالي ثلاثمائة أسرة أندلسية هاجرت من قشتالة والأندلس ومن أهل الثغور من مملكة بلنسية، واستوطنوا مدينة القل مدينة المهاجرين الأندلسيين كما يقول مارمول كربخال(4). 

 لذا تطورت هذه المدينة العتيقة التي استوطنها الأندلسيون من شرق الأندلس وحواضره الشهيرة بلنسية ومثاغري جزيرة شقر، والقل بلدة غنية بالفواكه ومنها أشجار الليمون والبرتقال، كما كسبت المنطقة من خلال خبرة الأندلسيين درجة عالية في تربية دودة القز، لهذا كانت من أطماع بيدرو الثالث الأراغوني، الذي سعى إلى السيطرة عليها ثم الزحف على مدينة قسنطينة في مغامرة غير  محمودة بتواطئ مع ابن الوزير الطامح في عرش تونس الحفصية بمساعدة مملكة أراغون الصليبية(5).

الهجرة الأندلسية الثالثة

ارتبطت نهاية الحكم الإسلامي بالأندلس بسقوط آخر معاقل الإسلام المحاصر بأقصى جنوب غرب أوروبا-غرناطة بني الأحمر(897هـ/1492م) وبانتهاج الأسبان سياسة متابعة حركة الاسترداد ببلاد المغرب وتعقب المهاجرين الأندلسيين بها، وذلك للحيلولة دون قيامهم بالجهاد البحري انتقامًا لما تعرضوا له، وقد أسفرت هذه السياسة عن استيلاء الإسبان على العديد من المراكز الساحلية بالسواحل الجزائرية، فقد فرضوا سيطرتهم على المرسى الكبير(1505) ووهران (1509م) ومستغانم (1511) وتلمسان(1512).

تطلبت تصفية الوجود الإسلامي بإسبانيا ذاتها انتهاج سياسة التنصير الإجباري(6) للمسلمين التي أشرفت عليها الكنيسة الكاثوليكية وتبنَّاها الكاردينال خيمينيس (Cinseros Ximénés) ونفذها البغيض الإسباني فنقض فردناند وإيزابيلا العهد الذي أعطي للمسلمين مقابل تسليم غرناطة وحرمت الشعائر الإسلامية وأحرقت الكتب العربية وأغلقت المساجد (905هـ/1499م) واعتبر الدين الإسلامي خطرًا على أسبانيا ومنع وجود المسلمين بها(907هـ/1501م) وهذا ما أدى إلى انتفاضة المسلمين وقيامهم بثورة جبال البشارات (976هـ/1568-1570م) وبعد سنتين فشلت الثورة فأرغموا على التهجير إلى السواحل المغربية، وأعقبت هذه الانتكاسة زيادة الضغط على المسلمين، فاتخذت في حقهم إجراءات قمعية رادعة مهدت إلى قرارات الطرد الجماعي التي أصدر قوانينها ومراسيمها فيليب الثالث ما بين 1607-1614م بإيعاز من الكنيسة وتشجيع من الإقطاعيين فخصصت لهم السفن لنقلهم إلى السواحل المغربية، وقد تضمنت الوثائق الإسبانية قوائم السفن التي حملت الأندلسيين المهجرين إلى وهران والمرسى الكبير باعتبارهما مركزين إسبانيين يوجه إليهما المهجرون، فقد تم نقل ما بين شهري أكتوبر ونوفمبر من عام(1016هـ/1609م) 116022 مسلمًا من مناطق شرق الأندلس، ونتج عن هذا الوضع تجند المرابطين وشيوخ الزوايا بالمغرب الأوسط (الجزائر) لحمايتهم والدعوة إلى الجهاد، وطلب الفقهاء والوجهاء إلحاق البلاد الجزائرية بالدولة العثمانية حاملة راية الإسلام وتحولت الجزائر بذلك إلى جبهة متقدمة في صد الدولة العثمانية للنفوذ الإسباني، وارتبط هذا العصر في الجزائر بتحول أعداد كثيرة من الأندلسيين من إسبانيا للاستقرار بالمدن والأقاليم الجزائرية الساحلية خاصة، فكانت أهم مراكز الاستقرار بالغرب الجزائري، وهران ونواحيها ومستغانم وآرزيو وجهاتها وتلمسان وقلعة بني راشد ومازونة وندرومة، وبالشرق الجزائري استقرت جاليات أندلسية ببجاية وجيجل والقل وقسنطينة وبونة (عنابة) والقالة، أما الوسط فاختارته بعض الجاليات الثغرية القادمة من وشقة وسرقسطة البيضاء وبطليوس بالغرب (البرتغال).وتجمع الأندلسيون في مدن الجزائر والبليدة والقليعة وشرشال وتادلس ومليانة والمدية ومازونة وفي إقليمي المتيجة والساحل القريب منها(7).

لقد تم نقل ما بين 1543-1569م حوالي 7700 أندلسي من أهالي بلنسية وأليكانت وهذا أيام البحارة المشهورين صالح رايس، إيدن رايس درغوث رايس، حسن فينيزيانو، مراد رايس، كما شارك مئات المتطوعين الإنكشاريين ثوار جبال البشارات وهذا بإنزال بحري على شواطئ نواحي ألمرية ومربلة ما بين سنتي 1568-1569م، وأشار كتاب غزوات عروج وخير الدين" أنه قد أنقذ ما لا يقل عن سبعين ألف أندلسي وحملهم خير الدين إلى الجزائر، وما يلاحظ أن أغلب هؤلاء المرحلين الأندلسيين الذين يشكلون المرحلة الثانية للهجرة الأندلسية نحو الجزائر، كانوا من الطبقات المتوسطة والفقيرة فجلهم من الفلاحين وأصحاب المهن والصنائع والتجار والقليل منهم كان له حظ في العلم أو نصيب في الثقافة وهذا عكس المرحلة الأولى للهجرة الأندلسية للجزائر التي سبقت الإشارة إليها(8).



(1)- محمد الشريف سيدي موسى، مدينة بجاية الناصرية (دراسة في الحياة الاجتماعية والفكرية)، تقديم الدكتور محمد الأمين بلغيث.الجزائر، دار هومة للنشر والتوزيع.2007م.
(2)-تقع ثامنتفوست أو روسقونيا القديمة، على بعد 24 كلم شرق جزائر الثعالبة، وتحتل الجزء الشرقي من جوف الجزائر، ويقصد بثامنتفوست الجانب الأيمن، واسمها قديمًا روسقونيا المتكون من كلمة روس البونية الأصل وتعني قمة أو رأس، ومعناها: قمة أو رأس الأدغال:عمرها الرومان، وآثارهم الباقية إلى اليوم، لا تزال شاهدة على تعميرهم لها، وكانوا قد أزالوا الآثار الفينيقية، حيث كانت تمثل مرفأ السفن ومنطقة تخزين السلع الفينيقية، ثم عمرها  الأندلسيون وكونوا منها حصنًا وقلعة في عهد الجزائر العثمانية، وكانت من ثامنتفوست تنطلق السفن لحماية الساحل الشرقي، وقاموا بتعمير المنطقة الفلاحية، وهذا بما جلبوه من خبرات في الري، ومد القنوات لسقي البساتين.انظر:تامنتفوست (روسقونيا القديمة)،الجزائر، الوكالة الوطنية للآثار وحماية المعالم والنصب التاريخية، 1998م.ص:3 .
(3)- فرنان برودويل، المتوسط والعالم المتوسطي، تعريب وإنجاز مروان أبي سمرا، بيروت، دار المنتخب، 1993م. ص:47.
(4)- مارمول كربخال، إفريقيا، الجزء الثاني، ص:362.
(5)- ناصر الدين سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر (المجلة العربية للثقافة)، السنة الرابعة عشرة، العدد السابع والعشرون، عدد خاص بالتاريخ العربي في الأندلس، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 1994م. ص:232. أفوقاي(أحمد بن قاسم الحجري الأندلسي)، ناصر الدين على القوم الكافرين(مختصر رحلة الشهاب إلى لقاء الأحباب)، تحقيق محمد رزوق،الدارالبيضاء، مطبعة النجاح الجديدة،1407هـ/1987م.ص:5.ممدوح حسين، الحروب الصليبية في شمال إفريقية وأثرها الحضاري.ص:472.
(6)- وثيقة أندلسية: عن سقوط غرناطة مع دراسة تحليلية للمستشرق جيميس.ت.مونرو،ص:19. الفيكونت شاتوبريان، الإسلام في الأندلس آخر بني سراج(ملحق أخبار العصر في انقضاء دولة بني نصر آخر بني سراج)، ترجمة الأمير شكيب أرسلان، بيروت، دار مكتبة الحياة، 1985م.ص:129.
(7)- ناصر الدين سعيدوني، الجالية الأندلسية بالجزائر، مساهمتها العمرانية ونشاطها الاقتصادي ووضعها الاجتماعي( مجلة أوراق) مدريد، العدد الرابع، المعهد الأسباني العربي للثقافة،1984م.ص ص:111-118. 
(8)-جاء في كتاب غزوات خير الدين وعروج : فكتب أهل الأندلس كتابًا إلى خير الدين يعلمونه بما وقع من النصارى من هذه المحن ويتضرعون إليه في إنقاذهم بما هم فيه فوصل إليه كتابهم فامتعض من أجلهم ودخلته حمية الإسلام، والغيرة للدين المحمدي، فعند ذلك، حضر ستة وثلاثين جفنًا، فلما رآهم الأندلسيون خرجوا إلى ذلك الجبل المتقدم، فتجرد في طلبهم النصارى فلما وصلوا إلى الجبل  نزل إليهم أهل الأجفان من المسلمين وأتوهم من ورائهم ووقع بينهم قتال عظيم،قيض الله المسلمين عليهم فأخذ الكفار في الفرار وتبعهم المسلمون في الأثر حتى  أبعدوا عن مكانهم، ثم إنهم رجعوا.لما رأى أهل الجبل من الأندلسيين ما منح الله عسكر خير الدين من النصر نزلوا إليهم من الجبل وسلموا عليهم واستبشروا بقدومهم... ، فرفعوا نساءهم وأبناءهم وما قدروا عليه من أموالهم وأبناءهم فأتوا بها إلى الأجفان ووسعوها بذلك، وركب فيها عدد كثير منهم ورجعوا إلى الجزائر بعد ما خلفوا ألف مقاتل من العسكر يحرسون جماعة المسلمين الباقية من الأندلس خوفًا عليهم من غائلة النصارى لعنة الله عليهم، فلما وصلت الأجفان إلى الجزائر خلفوا ما حملوه من الأندلس... فكان جملة  ما حملوه سبعين ألفًا انظر:مجهول، تاريخ خير الدين، مخطوط رقم:5754.نقلا عن جمال قنان، نصوص ووثائق في تاريخ الجزائر الحديث(1500-1830م)، الجزائر، منشورات المؤسسة الوطنية للطباعة، 1987م.ص:41.